الأربعاء، 28 مارس 2012

حقوق الانسان في الدساتير العراقية ( بين النظرية والتطبيق)، رسالة تقدمت بها الطالبة: نسرين طه علوان الكناني، الى مجلس كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في العلوم السياسية، قسم النظم السياسية، إشراف: الاستاذ المساعد الدكتور عبد الجبار أحمد عبد الله، صفرـ 1426هـ بغداد أذار 2006م.

المقدمـــة
في الوقت الذي تتباهى كثير من دول العالم بدساتيرها المتّضمنة (المحتوية) لمبادئ حقوق الانسان والحريات العامة، وبكونها موافقة للأعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في 1948، فإن التجربة الدستورية العراقية قد سبقت تلك الدول في حيازتها للدستور المتضمن لمبـادئ حقوق الانسان وحرياته، بل ان هذه التجربة سبقت حتى صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان وذلك باصدار اول دستور عراقي عام 1925م.
واذا كان هذا مصدراً للمباهاة لدولتنا العراقية، فأنه من جانب اخر يعد تأكيداً على حقيقيـة اساسية، يجب ان لا نبتعد عنها،على ان قضية حقوق الانسان والحريات العامة هي قضية ذات هوية انسانية عالمية قبل ان تكون ذات هوية سياسية، جغرافية، ولذلك نقول ان هذه القضية متى ما بقيت مرتبطة بالجانب الانساني فأنها ستكون قضية ايجابية واكثر نجاحاً منهـا وهـي مرتبطة بالاعتبارات المصلحية او السياسية، وهذه الاعتبارات (السياسية – المصلحية) هي التي سّيرت كل الدساتير العراقية، ومن ثم حرفتها عن المعنى الاصيل لها وغايتها الاساسيـة فـي مؤسسة النشاط السياسي، وتأطير الظاهرة السياسية بشكل قانوني ولدى معاينة التجربة الدستورية العراقية نلاحظ ان هناك نمطين اساسيين، الاول ديمقراطية التأسيس عبر جمعية منتخبة وهذا ما تحقق فـي دستـور1925، والثانـي التأسيس غيـر الديمقراطي للدستور عبر المنحة او الهبة من الحاكم او السلطة الحاكمة،وهـذا حـال بقيـة الدساتير العراقية وخاصة تلك التي ارتبطت بالحقبة الممتدة من (1958وحتى2003 ) وبـدلاً من سيادة النمط الاول واستمراريته وتطويره وتعزيزه فإن الذي حصل هو تحريف ذلك المسار والتراجع به الى الوراء،وليوجد نمطاً من النظم السياسية التي لم تُغيّب فيها الدساتير لمبادئها بل وتغيب الاصل الذي تكتب من اجله الدساتير الا وهو الانسان المواطن العراقي.
ولو كانت هناك استمرارية لدستور 1925م وتعزيز المبادئ التي تضمنها والخاصة بالحقـوق والحريات فإنه من الحتمي بأن حال العراق كان قد تغير من حال الى حال.
وبقي دستور1925م الدستور الوحيد واليتيم، رغم وجود التحفظات والتعديلات عليه انذاك، فهو الدستور الذي نشأ عبر جمعية منتخبة، وجاءت بقية الدساتير بقياسات بلاغية وعبـارات انشائية رنانة ولكن من دون ان يكون لها حيز بالتطبيق.
وهذا الانحراف والتباين يعكس لنا مشكلة اساسية علينا ان لا نحيد عنها الا وهي ان يكون هناك تلازم ما بين الدستور والدستورية،ونقصد بالثانية هو الاحترام الممنوح لما هو موجود في حيز الدستور ودفته من مبادئ ومواد وفقرات،ولعل وجود نموذج المملكـة المتحـدة، اذ لاتمتلك دستوراً مكتوباً لها، ربما يشفع لنا في التأكيد على، ان الدستـور(Constitution ) هوالاطارالمبنى، اما الدستورية (Constitutionlism )هوالمعنى والروح، هذه الرسالة تأتي لالقاء الضوء على موضوع حسبناه مهماً الاوهو دراسة لحقوق الانسان وحرياته العامة فـي الدساتير العراقية ما بين النظرية والتطبيق وذلك من خلال وصف ومقارنة وتحليل النصـوص الدستورية التي حظي بها العراق.
فرضية الدراسة
تحاول الدراسة التحقق من عدة فرضيات منها:
أ. ان التجربة الدستورية العراقية هي تجربة غنية خاصةً على مستـوى النصـوص، فالدستور الاساسي لسنة 1925م قد سبق الاعلان العالمي لحقوق الانسان لاكثر من عقدين من الزمان.
ب. ان الدساتيرالعراقية قد نصتّ على كثير من الحقوق والحريات العامة على اختـلاف مناشئهـا وطريقة اصدارها سواء كان بشكل ديمقراطي او غير ديمقراطي.
ج. ولكن رغم وجود هذه المواد وهي مواد كثيرة فإن المشكلة الاساسية هي في جانب التطبيـق لها ( أي المشكلة ليس في الدستور بل في الدستورية).
د. ان أي تجربة دستورية عراقية مستقبلية يشترط ان تزاوج ما بيـن مبـدأ الدستـور ومبـدأ الدستورية حتى تكون هذه التجربة تجربة ناجحة ويكتب لها الاستقرار والدوام.
منهجية البحث
اعتمدت الدراسة على اكثر من منهج ابتداءاً بالمنهج التاريخي ثم المنهج الوصفي فمنهج القراءة على النصوص مروراً في المنهج المقارن ما بين التجارب الدستورية العراقية وانتهـاءاً بالمنهج التحليلي لتلمس مستقبل التجربة العراقية.
هيكلية الدراسة
الفصل الاول: التمهيـدي ( الاطارالمفاهيمي )، المبـحث الاول: مفهوم الحق لغةً، المبحث الثاني: مفهوم حقوق الانسان اصطلاحاً، واجيال الحقـوق، وانواعها، المبحث الثالث: طبيعة العلاقة ما بين الحق والحرية.
الفصل الاول: تناولت فيه التطور التأريخي لمفهوم حقوق الانسان، المبحث الاول: مستويات ألأهتمام بحقوق ألانسان، المبحـث الثانـي: مفهـوم الدستور، المبحث الثالث: حقوق الانسان في الدستور العثمانـي1876م ـ 1908م.
الفصل الثاني: حقوق الانسان في الدستور الملكي لعام1925م، المبحث الاول: الجذور السياسية لدستور عام 1925م، المبحث الثاني الحقوق السياسية والمدنية لدستور عام 1925م، المبحث الثالث: الحقوق الاقتصادية لدستور عام1925م، المبحث الرابع: الحقوق الاجتماعية والثقافيـة لدستور عام 1925م.
الفصل الثالث: حقوق الانسان في الدساتير الجمهورية، المبحث الاول حقوق الانسان في دستور 1958م المؤقت، المبحث الثاني: حقوق الانسان في دستور1964م المؤقت، والمبحث الثالث حقوق الانسان في دستور 1968م المؤقت، المبحث الرابع: حقوق الانسان في دستور 1970م المؤقت.
الفصل الرابع: تقويم التجارب الدستوريـة فـي العـراق ومستقبلها، المبحث الاول: لاجراء تقويم ومقارنة من حيث النصوص الدستورية، المبحث الثاني: أجراء التقويم والمقارنة من حيث التطبيق العملـي، المبحث الثالث: مستقبل التجربة الدستورية العراقية.
وفي نهاية الدراسة وضعت الخاتمة لتدون الاستنتاجات الرئيسيـة مـن خـلال التجربـة الدستورية في العراق نرى أن هناك مشكلة رئيسية متمثلة بـ ( مشكلـة الدستوريـة، وليـس المشكلة في الدستور).
فالمشكلة ليست في النصوص بل في تطبيقها، أي احترام النصوص من(الحاكم، والمحكوم) على السواء، فالدستور به مسندا اساسياً للتوحيد، والاجماع الوطني، والاطارالـذي يجمـع كـل العراقيين، وعامل من عوامل تعزيز الوحدة الوطنية، ومن ثـم جـاءت الخاتمـة مدونيـن بها الاستنتاجات الرئيسية.
الخاتمة
منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921م وحتى نيسان عام 2003م جرّب العراق سبعة دساتير بدأت بالقانون الاساسي عام 1925م الذي اسس نظاماً سياسياً ملكياً منتهياً بثورة 1958م والى دستور سنة 1970م الذي اسس نظاماً سياسياً رئاسياً منتهياً بسقوط النظام في نيسان 2003م، واذا كانت فكرة الدستور تعني التأطير القانوني للظاهرة السياسية فأن الملاحـظ ان عمليـة التأطير هذه لم تكن حقيقية ومقنعة وموضوعية في اغلب هذه الدساتير لسبب او لاخر، امـا بسبب وجود سلطة الاحتلال البريطاني عبر فكرة الانتداب، ومن ثـم المعاهـدة العراقيـةـ البريطانية، او بسبب نخبة حاكمة مستبدة لم يكن من مصلحتها ان يكون هنـاك دستـور حقيقي، وترسيخ مبدأ شخصانية السلطة ولذلك فقد كانت اغلـب هـذه الدساتيـر لا تعكـس المصلحة الحقيقية لمبدأ حكم الشعب، لان النخب الحاكمة وخاصة في العهد الجمهوي من عام 1963م وحتى عام 2003م كان يهمها مبدأ التحكم بالشعب ليس الاّ.
واذا كانت الظاهرة الدستورية في دول العالم المتقدم قد تمت في ظل ظروف مناسبة كـان منها عنصر التدرج اولاً وعنصر المساهمة الشعبية ثانيًا الاّ أن واقع التجربة الدستورية في العراق لم تمر بظروف طبيعية فالدستور الذي يكتب في فترة زمنية لا تتجاوز سبعة ايام مـن المنطقي ان يكن ميتاً على ارض الواقع.
ونحن حين نقول هذا تمييز ما بين ما يسمى كتابة الدستور وصياغة اولاً وتطبيقـه ثانيـاً فالكتابة الحقيقية الفعلية للدستور يمكن ان تكتب في يوم واحد وليس حتى اسبـوع، ولكــن عملية الصياغة تحتاج لمداولات، ومناقشات الصياغة التي نقصدها هي تلك المتعلقة بتأسيس عقد اجتماعي ما بين مكونات واطراف كل الشعب.
فأذا ما كانت الصياغة مقبولة من هذه المكونات فأن عملية الكتابة لن تكون يسيرة فقط بل وليست مهمة اصلاً، اما اذا كانت الصياغة مختلفٌ عليها فالنتائج ستكون وخيمة.
اما من حيث التطبيق، وهذا ما نعول عليه، فأن المشكلة الاساسية التي نراها مـن خـلال التجربة الدستورية في العراق هي مشكلة الدستورية، وليس الدستور لان كثير من نصـوص الدستور التي قرأناها كانت نصوص مثالية في غايتها ان لم يكن في جميعها، ولكن كم كانـت هي موجودة في حيز التطبيق،والجواب كان هو القليل ان لم يكن نادراً.
وهنا نقول لو طبقت اية مادة اوفقرة عالمية تخص الحقوق والحريات في أي دستورعراقي سابق، طبقت بشكل حقيقي لما وجدنا اية مشكلة نعالجها ولكن المشكلة هي ليست فقـط فـي عدم التطبيق لنصوص هذا الدستور بل وفي جعل هذا الدستور في مرتبة الدنيا مـن مـزاج النخبة الحاكمة والمسيطرة على السلطة ولذلك وجدنا ان اغلب الدساتير وان كانت هي مؤقتة الاّ انها كانت بفعل الواقع دائمية وان اغلب الدساتير كان تدعي وصـلاً بالسيـادة الشعبيـة والديمقراطية الشعبية واحترام حقوق الانسان الاّ انها كانت بعيدة كل البعد عن ذلك فأذا كانت واحدة من غايات وجود الدستور هو تقييد الحكومة او السلطة القائمة،فأن الذي حصل هو ان الدستور ومضمونة كان مقيداً بسلطة الحكومة وهذا اخلال خطير لمبدأ دستوري.
وعند معاينة التجربة الدستورية العراقية،وحتى نكون موضوعيين فأن القانـون العراقـي الاساسي العراقي كان اكثر الدساتير العراقية قرباً للمبدأ الدستوري سواء كـان مـن حيـث (المداولات، والمناقشات، والمشاريع) التي سبقت تأسيس هذا الدستور، او من خلال النصوص التي احتواها، وحتى من حيث المدة التي اتيحت له.
كما ان التعددية الحزبية قد وجدت لها صدى على ارض الواقع وخاصة بعد عـام 1946م، العام الذي اعيد العمل بالتعددية الحزبية.
اما بقية الدساتير فبعضها كان بالاصل قانوناً مثل قانون المجلس الوطني لعام 1963م ولـم يكن له صلة لا من قريب ولا من بعيد لاي مبدأ دستوري ولم يكن هذا القانون الاّ بعض فقرات مطيعة لرغبة مجموعة من الضباط.
اما ما يخص نصيب الحقوق والحريات العامة في نصوص الدساتير العراقية فأن دستـور عام 1925م كان افضل الدساتير اذا احتوى على125 مادة، اما بقية الدساتير فقد احتوت هـي على30 مادة في دستور 1958م، وعلى106مادة في دستور1964م، وعلى70مادة في دستور 1968م، و70 مادة في دستور1970م.
ولكن نعود ونقول بأن الاساس كان في الجانب التطبيقي وليس النظري وما نعتقده من ان الكوارث التي رافقت الدساتير الجمهورية كانت اكبر بكثير من الكارثة ان وجدت في دستـور 1925م.
فأجواء التعددية الفكرية والسياسية التي اتاحها دستور1925م كانت اوسع بكثير من الاجواء التي اتيحت لها في الدساتير الجمهورية لاننا ومنذ1958م وصعوداً بعام 1963م وحتى نهايـة 2003م شهدنا نظام الحزب الواحد، النظام الذي جلب الكوارث للبلاد والعباد.
واذا كان هناك ثمة ضحايا لهذه الحقبة فأن الدستور والدستورية كانت واحدة منها، واليوم اذا ما اردنا ان نفكر بمستقبل دستوري ناجح وصحيح فأن الحال يقتضي الاستفادة من هـذه التجارب السابقة، ما بين ايجابياتها وسلبياتها، وتقدير ما هو ايجابي وتلافي ماهو سلبي حتى تكون الارضية صالحة.
والى جانب التأثر والاقتباس من تجارب عالمية او اقليمية فأن البداية الصحيحة هي الانطلاق من الواقع المحلي.
وهذا الواقع المحلي اخبرنا بأن المشكلة ليست في النصوص بل في تطبيقها، ليـس فـي الدستور بل في الدستورية،اي احترام النصوص من الحاكم والمحكوم على السواء.
ثم ان واحدة من القواعد التي تحكم في كتابة الدستور المستقبلي تنطلق من حقيقة انه اذا كانت النظم السابقة وخاصة في العهود الجمهوريه قد اضعفت من واقع الدستـور وجعلتهـما غائبتين عن الحياة السياسية العراقية فأن من الواجب على القوى السياسيـة والاجتماعيـة والدينية جعل الدستور والدستورية مسنداً اساسياً للتوحيد والاجماع الوطني والاطـار الـذي يجمع كل العراقيين وعامل من عوامل تعزيز الوحدة الوطنية.

Baghdad university
Human rights in Iraqi constitutions
- between the theory and appliance-
Dissertation persented by
Nsrren taha alwan al-kinani
To the colleg of political sciences Baghdad university as apart of the requirments to abtain the master degree of political sciences
Supervised by
D- abdul jabbar ahmed abdullal
1426 - M. ./ Muharram March /A.C.-2006
تخريج الرسالة
حقوق الانسان في الدساتير العراقية ( بين النظرية والتطبيق)، رسالة ماجستير غير منشورة، تقدمت بها الطالبة: نسرين طه علوان الكناني، الى مجلس كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في العلوم السياسية، النظم السياسية، إشراف: الاستاذ المساعد الدكتور عبد الجبار أحمد عبد الله، صفرـ 1426هـ بغداد أذار 2006م.
العرض الالكتروني والاعلام والتبادل العلمي: ببليوغرافيا إراكي
http://alsafeerint.blogspot.com
07901780841
P.OBOX 195
BAGHDAD IRAQ

ليست هناك تعليقات: