السبت، 12 يونيو 2010

ساعات بين التراث والمعاصرة ( عرض كتاب)

تنويــه: يتم تصفح المدونة، من خلال عبارة - رسالة أقدم – اسفل يسار الصفحة.



توطئة
الأصالة الأدبية
أصالة الأصالة أنها قيمة اجتماعية قبل أن تكون قيمة فنية وتعرف في علم الاجتماع بأنها الطابع المميز لأفراد المجتمع عن غيرهم من المجتمعات ويدعونها في مصطلحهم ((بالشخصية الوطنية)) أو ((الشخصية الأساسية)) أو ((الشعور الجمعي)) أو ((الروح العليا)) أو ما هو قريب من هذه المصطلحات.
وعلماء الاجتماع يرون هذه الشخصية نتاجاً تاريخياً متغيراً، فشخصية المجتمع القبلي القائم على الغزو أو زراعة الرز يكون ذات أبعاد خاصة تختلف عن شخصية المجتمع الصناعي أو المجتمع النامي لأن الصناعة تضع الرقعة الاجتماعية والمرتبة الاجتماعية الأعلى في أيدي أفراد جدد وتفقد الرموز الاجتماعية القديمة تفوقها وتولد رموز جديدة، كما تخلق ادوار جديدة لم تكن مهمة في السابق. وإن مفهوم الأصالة انتقل كما انتقل غيره من هذا الميدان الانثروبولوجي أو ميدان علم النفس الاجتماعي إلى ميدان الدراسات الأدبية والنقد الأدبي فأخذ به وأصبح قيمة فنية يطالب الأديب بها ويحاكم في ضوئها. والأصالة في المعاجم العربية من أصل الشيء بمعنى التأصل أو الثبات في ناحية وتقترن بحكم وحدة المصدر بمعنى الاستئصال أو التفرد والقطع من ناحية أخرى أي إن المصطلح لغة يشير إلى علاقات الترابط والتمايز معاً ويقترب من مفهوم الاجتماعيين ((الطابع المميز)). وكذلك شأن الأصالة في النقد الأدبي فحين يقال الأدب العربي أو الأدب الانجليزي أو الأدب السوفيتي كل منها يوضح ارتباط أدب معين بالحضارة العربية أو الحضارة الانجليزية. أو الحضارة السوفيتية وهذا الترابط الحضاري في حقيقته يحدد ويميز السباق الحضاري الذي يتم فيه إنتاج ذلك الأدب وتذوقه. وكتب النقد الأدبي القديمة لا تتحدث عن الأصالة ولكنها تتحدث عن مطبوع الشعر ومصنوعة فالمطبوع في رأيهم هو الأصل الذي وضع أولا وعليه المدار والمصنوع الذي وقع فيه شيء من الصنعة من غير قصد ولا تعمل. وعرفوا الصلة بين الشاعر وشعره فكانوا يقولون سلامة اللفظ تتبع سلامة الطبع ودماثة الكلام بقدر دماثة الخلقة. وترى الجافي الجلف كز الألفاظ معقد الكلام.. وترى رقة الشعر أكثر ما تأتيك من قبل العاشق المتيم والغزل المتهالك وعرفوا أكثر من هذه الصلة بين الإبداع الفني والتكوين البيولوجي للإنسان فقال قائلهم: وجميع جوارح البدن وحواسه تسكن إلى ما يوافقه وتنفر عما يضاده ويخالفه، فالعين تألف الحسن وتقذى بالقبيح، والأنف يرتاح للطيب وينفر للمنتن، والفم يلتذ بالحلو ويمج المر، والسمع يتشوق للصوت الرائع وينزوي عن الهجير الهائل، واليد تنعم باللين وتتأذى بالخشن. وحين نأتي إلى كتب النقد الأدبي الحديثة نجد مصطلح الأصالة يطفو على أغلفة الكتب فبعض المحدثين يفهمها ميسما ذاتياً وطابعاً شخصياً يدفع كل عمل يخرج من بين يدي الأديب. ومقياس الأصالة عند ثان: أن يكون ديوان الشاعر مرآة صادقة تتجلى فيها صورة ناطقة لحياته.. والأصالة في نظر ناقد ثالث: أن يصدر الناقد في نظريته عن نفسه أولا بحيث تجيء: نظريته نابعة أصلا من طبيعة الأدب في بلاده معبرة بعد ذلك عن مزايا لغة هذا الأدب في الفن والتعبير. ويخيل إلى إن نمو مفهوم الأصالة وانتشاره وتضخمه يعود إلى أسباب بعضها متولد من بعض: الأصل في هذه الأسباب إن تطور المجتمع البشري بلغ درجة التأزم في ظل الكنيسة والإقطاع في العصور الوسطى وكانت نتيجة هذا التأزم اندلاع الثورة الفرنسية وانتصار الطبقة البرجوازية التي جاءت بمفاهيم الحرية الفردية والأصالة الذاتية كرد فعل لمفاهيم القطيع في ظل الإقطاع، وجاءت بمفهوم الدولة القومية كرد فعل للنظم الإمبراطورية الاستعمارية وتغلغلت هذه الروح الجديدة فكان مثلها الأعلى يهدف إلى نمو الإمكانيات الفذة في كل إنسان نمواً كاملاً ونجد هذا واضحاً في عودة روسو إلى الطبيعة الأم وفي ما كان ينادي به المفكرون والشعراء الألمان غوته فيخته شليكل وكذلك كولردج وكارليل في انجلترا، وامرسون في أمريكا بان الغاية الكلية للحياة والثقافة هي نمو الحرية والفردية ومقدرة التعبير عن الذات وكانت شعاراتهم الرائجة ((كن ذاتك)) ((نمّ شخصيتك)).. و((إذا لزم الأمر حطم جميع قوانين الإله والبشر لكي تعبر عن ذاتك)).
والسبب الثاني: إن ازدهار علم النفس والتحليل النفسي ونجاحهما في دراسة الأدب ونقده وجه الأنظار إلى الصلة الوثيقة بين الشخصية والنتاج الأدبي فشاع مفهوم إن ((الأسلوب هو الرجل)) مما أعطى انطباعاً في نفوس الأدباء إن صدق التعبير والأصالة قيمة فنية عالية وكانت حصيلة هذا الانطباع ظهور العديد من الأسفار التي تدرس حياة الشاعر أو الأديب من شعره أو أدبه، أو تستغل معرفة دقائق حياة الشاعر أو الأديب لإضاءة شعره أو أدبه. والسبب الثالث: إن نمو الانثروبولوجيا وعنايتها بفولكلور الشعوب كشاهد على الشعور الجمعي أو الشخصية الأساسية والمستوى الحضاري أعطى انطباعاً مماثلاً بأن العفوية التي تكمن في الأغنية الشعبية والحكايات الشعبية وأمثال الشعوب وأساطيرها يمكن أن تكون قيمة فنية جديرة بالاحترام فشاعت ظاهرة الاقتباس من الموروث الشعبي لإظهار النتاج بمظهر الأدب الأصيل المرتبط بروح الأمة، وتخصص بعض النقاد في تحليل الشعر والأدب في ضوء الدراسات الانثروبولوجية.
فلا عجب بعد هذا التطور إن يستغل مفهوم الأصالة لبناء نظرية نقدية متكاملة تنطلق في التأكيد على إن خير ما عمل الشاعر وأكثر إجراء هذا العمل فردية هي تلك التي يثبت فيها أجداده الشعراء الموتى خلودهم.. وعلى أساس هذا التوافق بين الأصالة الفردية والأصالة العامة ترى هذه النظرية إن عملية الإبداع الفني لاتحتم على الإنسان أن يكتب وجيله في دمه فحسب بل تحتم عليه أيضا إن يشعر أن لأدب قطره داخل نطاق الأدب القومي كياناً معاصراً وإنها مجتمعة تكون فيما بينها كياناً معاصراً أيضاً. وينجم عن هذا الرأي لقاء بين اللازمني والزمني معاً، فالماضي يصبح حاضراً ومعاصراً والمعاصر يصبح اتباعياً ويتبادل الاثنان التأثير والتأثير بحيث يؤدي إلى خلق أي عمل فني جديد إلى إحداث في كل الأعمال التي سبقته كما يدرك الشاعر المعاصر بأنه بمعنى أو بأخر لابد وان يقيم وفقاً لمقاييس الماضي دون أن تقطع أوصاله أو يحكم عليه بمساواة الموتى أو تفضيله‘ عليهم.. الخ.
وأخيراً هل يعني هذا الذي نذهب إليه من الربط بين الأصالة والواقع الاجتماعي واعتبارها ذات جذر طبقي من جهة وذات طابع وسلي ذرائعي من جهة أخرى إنها فقدت كل أهمية لها ولم تعد مفيدة في ظروفنا الحالية..؟ اعتقد إن الجواب.. لا فما يزال مفهوم الأصالة ذا أهمية وذا خطر.. فهي باعتبارها بحثاً عن الجوهر وارتباطاً حضارياً مرغوباً فيه، وتجاوزاً لكل ما يغلف حقيقة العربي تعنى بالنسبة للأديب المعاصر – رحلتين: رحلة إلى الداخل، ورحلة إلى قلب المجتمع وأعماق الجماهير.. فالرحلة الأولى: انقلاب على الشخصية المزيفة التي تربت في ظل ظروف شاذة عاشتها الأمة العربية مفتوحة مهزوزة أمام كافة التيارات الثقافية الوافدة وكثير منها تيارات لئيمة بحيث أصبحت النواة ضائعة في اللؤم وأصبح المواطن العربي مهزوزاً أمام كل ما هو أجنبي، متقبلاً لكل وافد، شاعراً بنقصه، راغباً عما عنده. والمرحلة الثانية: انفتاح على المجتمع وخروج من الأقبية والكواليس والأبراج العاجية إلى دروب الجماهير العربية وكلتا الرحلتين ليست هيئة ولا يسيرة لان بين الأنا الواعية والنواة أو الجوهر يسقط الظل كثيفاً وللوصول إلى الجوهر لابد من جهاد النفس.. ولان بين المثقف العربي ومجتمعه يسقط الظل كثيفاً أيضا وللوصول إلى المجتمع لابد من نضال قاس ضد كل القيم والقوى المعادية للجماهير. فالدعوة إلى الأصالة في ظل هذه الظروف التي تجتازها الأمة العربية دعوة إلى الثورية التي تظهر الفرد من زيفه وتميعه، وتطهر الوسط الثقافي من كل ما ومن يقتات على القطيعة بين المثقف والجمهور. وإذا فالأدب الأصيل أدب المقاومة والبناء وخدمة الحياة بحكم انتسابه للثورة. ومن الخطأ الاعتقاد بان هذا النوع من الأدب يعني الرتابة في الشكل والسطحية الأيديولوجية والتفاهة في الفن.. لان الأديب الممارس لوظيفته الاجتماعية إنما هو جواب أفاق لاتغره المظاهر الكاذبة لأنه يضيء باستمرار محاولات التسلط والاستغلال والدجل فتغتنى تجاربه ومواقفه وتتبلور رؤياه، ويبعد كلما ازدادت ممارساته عن السطحية.. وهو باستمرارية احتكاكه بالحياة يحطم الأشكال باستمرار ويوجد أشكالا جديدة وهذا وحده ضمانة ضد الرتابة.. والأديب الممارس لايوصف بالتفاهة لان التفاهة بالفراغ والجدب وحياته ممتلئة باستمرار بالتحديات والآمال والذكريات فهي خصوبة دائمة الخضرة.     
قائمة المحتويات
توطئة: الأصالة الأدبية.
الزمن الأول:ساعات مع الشعر ويتضمن:- حواش على القصائد المرحلية للسياب، السياب والتطور التكنولوجي، الطفل في الشعر العراقي الحديث، الثورة الجزائرية في الشعر العراقي الحديث، مع الكمالي في عطائه‘ الشعري، سليمان العيسى:الشاعر والقصيدة.
الزمن الثاني: ساعات من التراث ويتضمن:- الوجدان العربي في شعر الفتوح الأموية، الأدب العربي والغرب، فن الصورة الشخصية عند المتنبي، مكانة الفارابي في تاريخ نظرية المحاكاة في الشعر.
الزمن الثالث:ساعات مع القصة ويتضمن:- نجيب محفوظ:الطريق إلى الثلاثية، عودة الطائر إلى البحر: الرواية – القصيدة، البلاغة القصصية في أدب غسان كنفاني.
تخريج الكتاب
 - عبد الجبار داود البصري، ساعات بين التراث والمعاصرة، منشورات وزارة الثقافة والفنون، توزيع الدار الوطنية للنشر والتوزيع والإعلان سلسلة دراسات(141)، دار الحرية للطباعة، بغداد، الجمهورية العراقية، 1978م.
- رقم الإيداع في المكتبة الوطنية ببغداد 744،لسنة 1978.
- العرض الالكتروني والاعلام والتبادل العلمي: ببليوغرافيا إراكي
 
http://alsafeerint.blogspot.com/
alsafeerint@yahoo.com
TEL: 964 - 07901780841
P.O BOX 195
BAGHDAD IRAQ

هناك تعليق واحد:

أبو فارس يقول...

السلام عليكم
اسمح لي لخي العزيز ان اطلع علي مدونتك
الجميله جدا الذي تهم كل قارء عربي
تسلم ايدك
اتمنا لك التوفيق
دمت من الاوائل
تحياتي