السبت، 12 يونيو 2010

التحليل المكاني للمواقع الصناعية في مدينة بغداد الكبرى (عرض كتاب)

تنويــه: يتم تصفح المدونة، من خلال عبارة - رسالة أقدم – اسفل يسار الصفحة. 


المقدمة
إن جوهر الجغرافية، دراسة المكان واختلافاته وعلاقاته. والمدينة، وهي تمثل احد الظواهر البشرية التي اهتم الجغرافي بدراستها، تحتل حيزاً على سطح الأرض، وضمنها يتباين التوزيع المكاني لاستعمالات الأرض المختلفة بتأثير عوامل مختلفة، تبرز في مقدمتها العوامل الاقتصادية والاجتماعية. وإذا كان الاهتمام قد انصب على دراسة النمط المكاني لاستعمالات الأرض التجارية والسكنية في المنطقة الحضرية، فأن الاستعمالات الصناعية قد أهمل دراستها، وما ظهر حولها من دراسات وبحوث – على قلته – لايهتم بالجانب المكاني الذي تؤكد عليه الجغرافية. لقد أكدت أغلب تلك البحوث على الجوانب الاقتصادية، وحتى الجغرافيين تتبعوا آثار خطى الاقتصاديين في ذلك، ليقعوا في شرك الاقتصاد الحضري، كما إن تلك البحوث كانت تجري على المستويين الإقليمي والقطري. وإذا كانت تلك البحوث والدراسات نادرة على مستوى المناطق الحضرية في العالم، فأن ما يخص مدينة بغداد – وبتحليل جغرافي- أندر وأندر وهذه الرسالة تمثل أول دراسة في جغرافية المدن تتناول التحليل المكاني لمواقع الصناعة في مدينة بغداد.
إن أهمية اختيار مدينة بغداد لأعداد بحث من هذا النوع، بالإضافة إلى ندرة تلك الدراسة، تبرز من خلال كونها عاصمة العراق، وفيها تتركز أكبر مساحة لاستعمالات الأرض الصناعية وأكبر عدد من المنشآت الصناعية وأكبر نسبة من عمال القطر الصناعيين، بالمقارنة إلى المدن العراقية الأخرى. وهذا في الواقع يرجع إلى عوامل كثيرة ترتبط وتوفر المقومات الاقتصادية وغير الاقتصادية التي تجذب الصناعة للوقوف عندها.
لقد أهتم البحث بتحليل الجوانب المكانية لاستعمالات الأرض الصناعية في مدينة بغداد الكبرى، وإبراز الأنماط الموقعية من خلال دراسة التوزيع المكاني لتلك الاستعمالات، وأحجام المنشآت الصناعية وأنواعها، وتحليل العوامل التي تفسر ذلك التوزيع، والعلاقات المكانية بين تلك الاستعمالات والاستعمالات الحضرية الأخرى، وما تسبب عن ذلك من مشكلات تتطلب بالتالي تنظيم توزيع استعمالات الأرض الصناعية في مدينة بغداد ومعالجة المشكلات المرتبطة بعلاقاتها المكانية تلك. إن الباحث، وهو يدرس تلك الجوانب، قد تعرض لمشكلات كثيرة منها ما يتصل بمنهج الدراسة، الذي يرتبط وقلة الدراسات التي تناولت الموضوع. فكان عليه أن يقدم إطارا ًنظرياً للدراسة وضع في مقدمة الرسالة ليكن دليلاً له، ومن خلاله تتبين الجهود المبذولة في ذلك. ومن المشكلات الأخرى المرتبطة بالمنهج، كون للرسالة جوانبها الاقتصادية مما يتطلب بالضرورة عدم الوقوع في تفاصيل دراسات الاقتصاد الحضري وإقامة توازن بين الجوانب الجغرافية، والجوانب الاقتصادية ذات الصلة بالموضوع. أما المشكلات الأخرى فترتبط بالحصول على المعلومات والإحصاءات. ولا يخفى على اغلب الباحثين مدى الاختلاف الموجود في المعلومات والإحصاءات المتوفرة لدى المؤسسات الإحصائية والصناعية، مما يخلق إرباكاً للباحث وعدم فائدة تلك المعلومات بالتالي يضاف إلى ذلك – وبما أن البحث يهتم بالجوانب المكانية – فان تلك الإحصاءات والمعلومات تخص سنوات سابقة، ولابد أن أموراً كثيرة قد جدت في السنوات اللاحقة، كتحول المنشأة الصناعية من موقع إلى آخر، أو توقف المنشأة عن العمل، أو ظهور منشآت جديدة أو حصول توسعات في المنشآت الموجودة وغير ذلك.
وإزاء ذلك اعتمد الباحث على ناحيتين اثنتين:-
الأولى – إحصاءات مديرية التفتيش في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية من خلال المسح الذي قام به أوائل عام 1975، وكان هذا خير عون للباحث في معرفة عدد العمال في كل منشأة، وتحديد مواقعها بشكل دقيق، مما أفاد كثيراً في المسح الميداني الذي قام به.
الثانية – المسح الميداني: لقد اعتمد الباحث في إعداد الرسالة على العمل الميداني بشكل أساسي، وتضمن أولاً، توزيع استمارات المسح الميداني وقد اختير 10% من مجموع المنشآت الصناعية كعينة لتوزيع الاستمارات عليها، ولغرض ملافات النقص الذي يرتبط واختيار العينة، فقد مسح جميع المنشآت الصناعية – الصغيرة والكبيرة – في التجمعات الصناعية في الوزيرية (شرقي المدينة) والداودي (غربي المدينة) والكاظمية (جنوبي المدينة)، مسحاً كاملاً.
كما قام الباحث ثانياً – بمقابلات شخصية مع عدد كبير من أصحاب المنشآت الصناعية الخاصة ومدراء المنشآت الصناعية العامة، والعمال، أفادته كثيراً في بحثه. ولكن يبقى للدراسة الميدانية صعوبتها ونواقصها في قطر نام والتعامل مع أكثرية لا تعرف معنى البحث وإعداد البحث رسالة، فتخفي الكثير من المعلومات وتشوهها.
وخلال فترة إعداد البحث، تعرف الباحث بأناس يعترف لهم الفضل والجميل لمساعدتهم القيمة في تقديم المعلومات والملاحظات والتوجيهات.
الخلاصة والمقترحات
استهدفت هذه الدراسة تحليل الجوانب المكانية لاستعمالات الأرض الصناعية في مدينة بغداد الكبرى. ولإبراز ذلك اعتمدت الدراسة الميدانية أساسا، لأنها الوسيلة الأفضل في إعطاء صورة تفصيلية لتوزيع تلك الاستعمالات وعلاقاتها المكانية، وتجاوزاً لعدم توفر المعلومات الإحصائية وعدم دقتها. وبسبب قلة وندرة الدراسات التي تناولت الأنماط التوزيعية لاستعمالات الأرض الصناعية في المناطق الحضرية وهو الذي حفز الباحث لاختيار الموضوع – إضافة إلى أهمية مدينة بغداد – ومعالجته بروح علمية، عرض بشيء من التفصيل ما تناولته الدراسات والبحوث من آراء وأفكار ذات صلة بالدراسة التي نحن بصددها. وقد تظهر من ذلك الاستعراض، تقارب أغلب الأفكار والمشاريع التي طرحتها تلك الدراسات بالرغم من اختلاف الأسس التي اعتمدت عليها. ويعود ذلك إلى التأثير البارز للعوامل الاقتصادية، كالمواد الأولية والسوق واليد العاملة وتوفر الأراضي وطبيعة الصناعة وغير ذلك، في توقيع المنشآت الصناعية. إضافة إلى العوامل المتعلقة بالمصلحة العامة.
وقد توصلت الدراسة من خلال تحليل خارطة توزيع استعمالات الأرض الصناعية في مدينة بغداد الكبرى، إلى الأنماط الموقعية التالية:-
1- المواقع المركزية.
2- مواقع أجزاء المدينة القديمة (عدا المواقع المركزية).
3- مواقع ضواحي المدينة القديمة.
4- مواقع الجبهات المائية.
5- مواقع الضواحي على الطرق الرئيسة.
6- المواقع المنتشرة في المناطق السكنية.
أما الاختلافات فسببها تدخل الدولة في تحديد المواقع الصناعية. إضافة إلى اختلاف درجة تطور الصناعة وأسواقها في مدينة بغداد عما هو عليه في مناطق أخرى. وفي الواقع إن الاستعمالات الصناعية في مدينة بغداد تميل إلى التجمع في مناطق معينة من المدينة. حيث نجد إن أغلب المنشآت الصناعية بشتى أنواعها وبكافة أحجامها تتواجد مع بعضها في تلك المناطق ضمن الأراضي المخصصة للاستعمالات الصناعية، أو حيث تركزت – تاريخياً – المنشآت الصناعية فظهرت على شكل تجمع أو منطقة صناعية. كما يلاحظ بأن أحجام تلك المنشآت تكبر باتجاه الضواحي، وخاصة منشآت القطاع الاشتراكي وتصغر باتجاه منطقة الأعمال المركزية. كما إن المنشآت ذات الطبيعة الخطرة والملوثة للبيئة تميل إلى التوقيع في الضواحي في حين ترتبط الصناعات الصغيرة الخفيفة والملبية للحاجات الضرورية للسكان، بمنطقة الأعمال المركزية والمناطق السكنية. وقد وجد من الدراسة إن توزيع تلك المنشآت، تفسره بالدرجة الأولى العوامل الاقتصادية - تغلف اليوم في أطار العامل التاريخي – التي لعبت دوراً أساسياً في توقيع المنشآت الصناعية في مدينة بغداد حتى عام 1964، حيث كان تدخل الدولة محدوداً، ارتبطت معها عوامل غير اقتصادية – كالعوامل المتعلقة بالمصلحة العامة والتربة ومنظر المدينة وغير ذلك – فيما بعد وبزيادة تدخل الدولة في ذلك. وحيث إن العمود الفقري الصناعي في مدينة بغداد قد أنشأه القطاع الخاص – وتملكه القطاع الاشتراكي فيما بعد – فان العوامل التي تفسر ذلك التوزيع عوامل معقدة ومتشابكة كما اظهر المسح الميداني. ومن دراسة العلاقات المكانية للاستعمالات الصناعية، وجد بأنها ترتبط والمناطق السكنية بشتى مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية، وكثافتها المرتفعة والمتوسطة والواطئة. وقد تسبب عن تلك العلاقة مع المناطق السكنية، تأثيرات سيئة على صحة السكان من خلال تلوث الهواء والضوضاء والروائح الكريهة، يضاف إلى ذلك مشكلة ازدحام المرور بسبب حركة نقل العمال بين مناطق السكن والعمل. كما انه نتيجة لتركز المنشآت الصناعية على طرق النقل – وبصورة خاصة في الأجزاء المركزية من المدينة – قد ساهم مع حركة نقل العمال في ازدياد ازدحام المرور وخلق اختناقات كثيرة فيه إضافة إلى حوادث الاصطدام وضياع للوقت وارتفاع تكاليف الإنتاج بالتالي. وقد تسبب عن وقوع المنشآت الصناعية على أو قرب الأجسام المائية – بالرغم من استفادة هذه المنشآت من موقعها هذا في الفترات السابقة، كتوفر المياه، النقل الرخيص وغير ذلك - تلوثاً للمياه بسبب تصريف الفضلات السائلة وطرح الفضلات الصلبة أيضا في تلك الأجسام. ولهذا تأثيره على إمكانية توفير المياه الصالحة للشرب لسكان مدينة بغداد، إضافة إلى خلق مراتع للبكتريا والديدان والفيروسات ومصادر للروائح الكريهة، لها تأثيرها على الصحة العامة. ومن مناقشة التصاميم الأساسية لمدينة بغداد، وجد بأنها تفتقر إلى الكثير من الأسس التخطيطية، وخاصة فيما يتعلق بالجوانب الاجتماعية والسكانية. ويظهر ذلك بصورة واضحة فيما اقترحته مؤسسة مونبريو و دوكسيادس من تنظيم لاستعمالات الأرض الصناعية، من حيث المساحة والتوزيع.
أما ما اقترحته مؤسسة بول سيرفس فأنه – بسبب تحديد التصميم بنسبة(2000) – لايتلائم مع النمو السريع لسكان مدينة بغداد والتطور الصناعي اللاحق، بالرغم من أسسه التخطيطية السليمة في تنظيم توزيع استعمالات الأرض الصناعية والاستعمالات الأخرى، وما اقترحه من إنشاء مناطق حماية والحزام الأخضر وتطوير شبكة النقل وغير ذلك من أمور تحد من المشكلات التي ترتبط واستعمالات الأرض الصناعية.
أهم المقترحات التي تطرحها الرسالة لمعالجة التوزيع السيئ لاستعمالات الأرض الصناعية في مدينة بغداد والمشكلات التي تسبب في خلقها هي:-
1-تنظيم توزيع استعمالات الأرض الصناعية في مدينة بغداد، ويتم ذلك بوضع تخطيط عام لاستعمالات الأرض فيها بعيد المدى، يأخذ بنظر الاعتبار نمو سكان المدينة ونمو الصناعة والتطور التكنولوجي، وربط ذلك التخطيط الإقليمي على مستوى القطر، والكف عن وضع التصاميم الأساسية واستقدام الشركات الأجنبية لذلك الغرض، والاكتفاء باستشارة الخبراء الأجانب على أن يكون للمخطط العراقي دوره الأساسي في عملية التخطيط. ويدخل ضمن ذلك التنظيم، تطوير شبكة النقل في مدينة بغداد وربطها بشبكة النقل على المستوى الإقليمي والقطري.
2-التأكيد على معالجة الملوثات الصناعية داخل المنشآت نفسها، وعلى تطبيق القوانين والأنظمة الخاصة بذلك.
3-ونظراً لأهمية الجوانب الجغرافية في معالجة تلك المشكلات، فأنه من الضروري إشراك الجغرافي – بما لديه من وسائل وخبرات بسبب دخول الجغرافية الميادين التطبيقية – في أعمال التخطيط الحضري والمسائل المرتبطة به، ليساهم مع الآخرين في وضع الأسس السليمة لتلك الأعمال.
المحتويات
المقدمة، الفصل الأول: الأفكار والنظريات التي عالجت موضوع التوزيع المكاني لاستعمالات الأرض الصناعية في المناطق الحضرية، الفصل الثاني: الأنماط الموقعية لاستعمالات الأرض الصناعية في مدينة بغداد الكبرى، الفصل الثالث: التوزيع المكاني لمنشآت الصناعة في مدينة بغداد حسب أنواعها وأحجامها، الفصل الرابع: العوامل التي تفسر النمط المكاني للصناعة في مدينة بغداد الكبرى، الفصل الخامس: العلاقات المكانية لاستعمالات الأرض الصناعية في مدينة بغداد والمشكلات المرتبة بها، الفصل السادس: تخطيط استعمالات الأرض الصناعية في مدينة بغداد ومعالجة المشكلات المرتبة بعلاقاتها المكانية، الخلاصة، المصادر، SUMMARY.
تفصيل المصادر
أولا:- المصادر العربية وعددها33 مصدر، ثانياً:- مصادر باللغة الانكليزية وعددها 93 مصدر، وقد احتوى الكتاب على ملحق لاستمارة المسح الميداني لبعض المنشآت الصناعية في مدينة بغداد، و فهرست الأشكال وفهرست الجداول.
تخريج الكتاب
- د.صباح محمود محمد، التحليل المكاني للمواقع الصناعية في مدينة بغداد الكبرى، منشورات مركز دراسات الخليج العربي، مطبعة الإرشاد،
توزيع الدار الوطنية، بغداد 1978م.
- رقم الإيداع في المكتبة الوطنية ببغداد 657لسنة 1978، 10/6/1987م.
- العرض الالكتروني والاعلام والتبادل العلمي: ببليوغرافيا إراكي
http://alsafeerint.blogspot.com/
alsafeerint@yahoo.com
TEL: 964 - 07901780841
P.O BOX 195
BAGHDAD IRAQ

ليست هناك تعليقات: