ما يزال النظر إلى القراءة والقارئ محفوفاً بتصورات نقدية وتقاليد فكرية تجعلهما في أمس الحاجة إلى دراسة تلقي الضوء على عملية القراءة والقائم بها. ولم يحظ القارئ بدراسة مستقلة، تقف على أهم صوره ومستوياته ووظائفه على الرغم من كثرة ما أنتجه هذا القارئ. من هنا جاء اختيار (القارئ) ليكون مادةً لهذه الدراسة حيث كلمة (القارئ) أنسب الأسماء لتصوير تفاوت النقاد في مستوياتهم القرائية فليس الذين زاولوا القراءة والنقد كلهم كانوا نقاداً. وقد جاء اختيار هذه الدراسة منطلقا من الدور الذي يمثله القارئ في تلقي النص الأدبي تلقيا موضوعيا ايجابيا فاعلا يقوم على التفاعل مع النص وإعادة أنتاجه قرائيا .. فضلا عن فاعليته في الوقوف وراء كثير من المظاهر النقدية والظواهر الأدبية .. وهكذا اشتملت هذه الدراسة على تمهيد وثلاثة فصول .... عقدتْ التمهيد على تبيان مفهوم القارئ والقراءة وموقع هذا القارئ في مسيرة النقد العربي والعالمي ، فعقدتْ الفصل الأول على (موجهات القارئ) موزعاً على ستة مباحث وكل موجه شكل مبحثاً بعينه ويبتدئ كل مبحث بمدخل نظري ثم يتبعه ذكر لأهم المسوغات التي يبرر بها القراء توجههم بهذا الموجه أو ذاك مع ذكر نماذج القراءات الموجهة به ويختتم كل مبحث بذكر أهم المزالق القرائية للموجه التي قد يتعرض لها القارئ. وتناولتْ الدراسة في الفصل الثاني (وظائف القارئ) التي يمارسها عبر فعل القراءة وهي ثلاث وظائف (التذوقية والمعرفية والتأويلية) وشكلت كل وظيفة مبحثاً بعينه وقد قدم كل مبحث تعريفاً بتلك الوظيفة وسماتها وسلبياتها أو إشكالياتها المرافقة لها وكيف يتوخى القارئ الحذر من الوقوع في سلبيات هذه الوظيفة أو تلك وكيف يفهم طبيعة مهمته هل هي وسيط مساعد أم وسيط معوق وهل عمله بديل عن النص المقروء أم هو تعضيد له؟ وأن يعرف كيف يتجنب تعارض وظيفة مع واستعرضتْ الدراسة في الفصل الثالث (مستويات القراءة في أدب نجيب محفوظ) وكيف تتفاوت تبعاً لتباين أصوات القراء المنتجين لها وموجهاتهم ووظائفهم وجعلتها على ثلاثة مباحث هي (القراءة الإسقاطية والقراءة التعليقية والقراءة الحوارية). هذا واستعانتْ الدراسة في عرض هذه المباحث والقراءات بجداول وحقول وترسيمات كأشكال كتابية تمكن من رصد الظاهرة موضوع البحث من جهة وتسهم في تدعيم صلة القارئ بهذه المباحث المقروءة من جهة أخرى.
تفصيل تخريج الاطروحة -القارئ في الخطاب النقدي العربي المعاصر (نجيب محفوظ أنموذجا). -أطروحة تقدمت بها: نادية هناوي سعدون، إلى مجلس كلية التربية للبنات في جامعة بغداد، وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة، في اللغة العربية وآدابها. - بإشراف: أ.د.عادل كتاب العزاوي. -العام الدراسي: 1422هـ -2002م
الخاتمة لما كان من الصعوبة بمكان أن ننتظر من خاتمة دراسةٍ ما أن تلخص لنا النتائج التي انتهت إليها تلك الدراسة أو التي ضمتها بين دفتيها.. فإن قصارى ما يمكن لنا أن نفعله هو أن نعرض الخطوط العريضة لأبرز نتائجها وبما يفتح طرائق جديدةً جديرةً بالبحث والإشارة.. وفي ما يأتي خلاصةً موجزةً لأهم تلك النتائج:- ـ إن مفهوم (القارئ) هو الرديف العلمي لكلمة (الناقد) لما يحمله هذا المفهوم من طابعٍ شموليٍ ووصفٍ تعميميٍ لمختلف مستويات القراء في التلقي والقراءة.. بخلاف كلمة (الناقد) التي لا تعني إلا دلالة التخصص والمنهجية. وأن (القارئ-المتلقي) هو البديل الحضاري لكلمة (الجمهور) وأن مفهوم (النقد) لم يعد يعكس حقيقة المهمة المراد من القارئ القيام بها على سعتها وتشابكها لذا صارت (القراءة) هي الأكثر دلالة على طبيعة المهمة الملقاة على عاتق القائم بها. ـ إن موقع القارئ العربي قد تباين عبر مسيرة نقدنا العربي القديم والحديث والمعاصر كما تباينت الفنون الأدبية (الشعرية والنثرية). ـ إن لكل قراءةٍ نقديةٍ موجهاتٌ تسهم في تحديد مسارها وتبين المدارات التي يتحرك فيها القارئ وتتفاوت القراءات النقدية بتفاوت تلك الموجهات. ـ إن القارئ العربي المعاصر قد مارس وظائفه عبر مسيرة النقد العربي أنفق خلالها شطراً من حياته في إتقان فن النقد حتى إذا ما تحلى بالموهبة عززها بالخبرة المكتسبة من الدرس والتحليل فتجرد من عواطفه وميوله الشخصية.. ولما رأى أن ذلك لا يجدي نفعاً أو يبقى ناقصاً عن أداء الفعل الوظيفي الحقيقي في داخله سعى لأن يكمل نواقص المقروء ويزيل غموضه ويملأ فراغاته لكي يظهر نتاجه بحلةٍ جديدةٍ وهيأةٍ مستحدثةٍ. ـ تعددت مستويات القراءة النقدية لأدب نجيب محفوظ تبعاً لتباين مستويات القراء وأصواتهم.ولعلنا بعد هذا الجهد المضني الذي بذلناه ونحن نتعقب القراءات النقدية التي دارت حول أدب نجيب محفوظ وما كتب عن هذا الأدب وصلنا إلى مرحلةٍ تجعلنا في وضعٍ يمكننا من تحديد طبيعة المعوقات والسلبيات التي عانى منها القارئ العربي المعاصر.
The Reader In The Modern Arabic Critical Speech ( Najeeb Mahfoodh As An example ) Abstract This study aims to explain the act of reading and its methods and directions .It also aims to show the differences among readers , since not all those who read and criticized were on the same level. The researcher chose this topic for its importance because of the active role played by the reader that stands beyond many of the critical phenomena .The research depends on three dimension vision : selective , subjective and descriptive. We select the art of story of Najeeb Mahfoodh, who is one of the greatest novelists for about 50 years ago. We faced many difficulties; the source and the modernity of this topic were among these difficulties. But, in spite of all those difficulties, I can say that this study is an attempt to present the image of the modern criticism. It follows a descriptive method depends on the reading analysis. It consists of an introduction and three chapters in addition to a conclusion. Chapter one deals with the reader's directions .Chapter two deals with the reader's functions .Chapter three deals with the levels of reading. The conclusion presents a project for an Arabic theory of reading.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق