هذا البحث دراسة متواضعة تسعى إلى التوفيق بين بحث يتخذ من الاتجاهات النقدية المعاصرة العصا السحرية التي تقدم الحلول كلها وآخر لا يستطيع مواصلة هذا الجديد ولا يبذل جهدا في فهمه ومتابعته ويظنه نفيا للتراث فينكفئ على الماضي وينغلق على موروثه. وقد اتبعت المنهج التاريخي في تتبع القراءات إزاء النصوص الشعرية في دراسة استقرائية استقصائية مع بيان أبعادها عند هذا القارئ أو ذاك ومن ثم استخلاص قيم وصفية ومعايير فنية لهذه القراءات وتحليلها وقد اشتملت خطة البحث على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة مع ثبت بالمصادر والمراجع المعتمدة . فأما الفصل الأول فقد خصص لتناول مفهوم القراءة اعتمادا على المنهج التاريخي أي الابتداء بالدراسات النقدية العربية القديمة ثم الدراسات الغربية الحديثة ثم الدراسات العربية المعاصرة فكان عنوان هذا الفصل مفهوم القراءة في الجود النقدية القديمة والحديثة وقد جاء هذا الفصل مبنيا على ثلاثة محاور ، تضمن الأول دراسة استقرائية للنقد العربي القديم من بعدين احدهما نظري تمثل في عرض مفهوم القراءة عند النقاد القدماء وعلاقته بالكتابة والآخر إجرائي تناول مفهوم القراءة الشعرية في النقد العربي القديم لذلك كان عنوان هذا المحور القراءة مفهوما وإجراء في النقد العربي القديم أما المحور الثاني فهو القراءة أصولا واصطلاحا عند النقاد الغربيين واشتمل على دراسة تحليلية انطلقت من الأصول الفلسفية والنقدية لهذه النظرية ثم التطور الذي حظيت به من قبل رائديها ولفغانغ ايزر وهانز روبرت ياوس والتموضع النظري الذي أنجزاه واهم الاصطلاحات التي تبناها كل منهما مع محاولة متواضعة في المقاربة النقدية بين طموحاتهما . وركز المحور الثالث منه على تتبع ما قطعه النقد العربي الحديث أو المعاصر من أشواط في دراسة هذه النظرية وتطبيقاتها.. وبما يوقفنا على مدى تطور مفهوم القراءة عندهم من مجرد دراسات عابرة اشتملت على أفكار وأراء حول القراءة والقارئ إلى دراسات متخصصة بنظرية التلقي والقراءة متأثرة بها ومتموضعة في إطار تنظيراتها وإجراءاتها . وتضمن الفصل الثاني دراسة إجرائية للقراءات الشعرية المتعددة إزاء نصوص شعرية بعينها من تلك التي استقطبت اهتمام نقادنا القدماء متمثلة في تتبع الموجهات المسيرة لتلك القراءات في النقد القديم وقد توزعت هذه الموجهات بين الغرض الشعري والتقاليد الشعرية والتراكم المعرفي للقارئ والسياقات الشعرية وهيمنة الشاعر الكبير على ذائقة المتلقي الناقد لأجل تحديد هيكلية العلاقة القائمة بين القارئ القديم والنص الذي قراه عن طريق بيان الكيفية التي مارسها هذا القارئ في قراءة النصوص الشعرية وتوجيهها بالاستعانة بالتنظيرات الغربية عن القراءة للإفادة منها في الكشف والإحاطة بالقراءة الشعرية العربية القديمة . وتناول الفصل الثالث مستويات القراءة الشعرية في لنقد العربي القديم وأنماطها التي توزعت تبعا لتنوع مستويات القراء القدماء النقدية والمعرفية والفكرية ومنطلقاتهم التي حددت شكل قراءاتهم فكانت على ثلاثة أنماط وهي القراءة المبدعة والقراءة المعتدلة والقراءة السلبية وقد حددت مواصفات كل قراءة ومميزاتها وطبيعة القراء الذين أنتجوها معززة ذلك بدراسة نماذج إجرائية من القراءات الشعرية . ثم توجت هذه الفصول بخاتمة تضمنت أهم ما توصلت إليه من نتائج وملاحظات تهم البحث مستعينة في ذلك بما ذلك بما خرجت به من آراء وملاحظات بعد هذا الجهد المضني بين أسفار العرب القدماء وما وقفوا عليه من تنظيرات وتطبيقات أصيلة تنم عن شخصية نقدية متميزة وفهم ثاقب للعملية الإبداعية بأطرافها الثلاثة مع الذوق المثقف في قراءة الشعر العربي ونقده;
تفصيل فهرست محتويات الرسالة الفصل الأول: مفهوم القراءة في الجهود النقدية القديمة والحديثة ـ القراءة مفهوما وإجراء في النقد العربي القديم أـ علاقة القراءة بالكتابة في النقد العربي القديم. ب ـ مفهوم القراءة الشعرية في النقد العربي القديم. ـ القراءة أصولا واصطلاحا عند النقاد الغربيين، الأصول الفلسفية والنقدية، التموضع النظري عند ايزر وياوس، مقاربة نقدية بين طروحات ايزر وياوس، القراءة ( مفهوما وإجراء ) في الدراسات العربية المعاصرة، المرحلة الأولى، المرحلة الثانية. الفصل الثاني: موجهات القراءة الشعرية في النقد العربي القديم الغرض الشعري، التقاليد الشعرية، التراكم المعرفي عند القارئ، السياقات الشعرية: اولاً (المحددات البلاغية الحقيقة والمجاز والاستعارة )، ثانياً ( المحددات الدلالية للبنية الشعرية )، ثالثاً (المسائل النحوية والصرفية )، هيمنة الشاعر الكبير (المشهور ) على ذائقة المتلقي / القارئ. الفصل الثالث: مستويات القراءات الشعرية في النقد العربي القديم وأنماطها ـ القراءة المبدعة creative reading ، القراءة المعتدلة normal reading ، القراءة السلبية negative reading
تفصيل تخريج الرسالة: - تعدد القراءات الشعرية في النقد العربي القديم حتى نهاية القرن السابع للهجرة. - الباحثة: نادية هناوي سعدون - المشرف: د.احمد إسماعيل النعيمي & د.عباس ثابت حمود. - رسالة قدمت الى: إلى مجلس كلية التربية للبنات في جامعة بغداد، وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير، في اللغة العربية وآدابها. - للعام الدراسي: 1420هـ - 1999م.
الخاتمة أسفرت هذه الدراسة المتتبعة للقراءات الشعرية وتعددها في النقد العربي القديم حتى نهاية القرن السابع للهجرة عن جملة نتائج وخلاصات يمكن إجمالها على الوجه الآتي : حاول الفصل الأول أن يبين في محوره الأول أن مفهوم القراءة الذي عرفه النقاد القدماء لم يأخذ عندهم شكل نظرية مستقلة أو مصطلحا متعارفا ..وتتبع المحور الثاني منه تطور مفهوم (القراءة ) حتى صار مصطلحا له تنظيمات وإجراءات في الدراسات النقدية الغربية وذلك باستقصاء الأصول الفلسفية أهمها الفلسفة الظاهراتية الفينومبينولوجيا والتأويلية الهيرمينوطيقيا عند الفلاسفة هوسرل وشلرماخر وديلتي وفريتهامير وهيدجر وغادامير وانغاردن وسارتر والأصول النقدية كالشكلانية والبنيوية واتجاهات ما بعد البنيوية وركز المحور الثالث منه على تتبع ما قطعه النقد العربي المعاصر من أشواط في دراسة هذه النظرية وتوصلنا إلى أن هناك مرحلتين الأولى اشتملت على الدراسات التي نظرت للقارئ والقراءة بشكل عرضي من دون أن تتموضع في إطار النظرية الغربية والمرحلة الثانية اشتملت على الدراسات التي حاولت الإفادة من تجليات تلك النظرية وتوظيفها في خدمة الحركة النقدية العربية في الاهتمام بالقارئ وقد وجدنا أن تأثير هذه النظرية ما زال محدودا مقتصرا على بعض الكتب والمقالات النظرية المترجمة . وانتهى الفصل الثاني إلى حقيقة مفادها أن القراءات الشعرية وتعددها لم يكن منطلقا من فراغ ولا حدث بصورة عشوائية بل استند إلى مرجعيات موروثة حددت توجيه القراءات عند القدماء وقد عكست تلك المرجعيات فطنة القارئ القديم في وعيه لأطراف العملية الإبداعية (المتلقي والنص والشاعر) وإدراكه للعلاقة المتبادلة بين هذه الأطراف فلا هو تسلط ليلغي وجود النص أو وجود منشئه ولا هو ضاع بخضوعه لأبنية النص وسياقاته أو للشاعر الذي اوجد ذلك النص ومقاصده وبما يكشف عن الريادة النقدية لعلمائنا القدماء. وعني الفصل الثالث برصد مستويات القراءة الشعرية عند أسلافنا فبين قراءة تسيء إلى النص وأخرى ترد له اعتباره ، تعددت القراءات وتنوعت مع بقاء الاحتمال قائما بوجود قراءات أخرى أوفى من غيرها تستمد مصداقيتها أما من النص أو من منتجه أو من مستقبله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق