الاثنين، 26 أكتوبر 2009

رئيس جمهورية العراق يُعاقبُ نفسهُ اعتذاراً مِن أهالي الكريعات












قد أكد الواقع والتاريخ احتضان الكريعات للكاظمية والأعظمية وغيرها لذا تسامى عطر ذكرها وازدادت مناظرها وأرضها وسماؤها بهجة وتغنت مياه دجلة المعطاء فرحة بمسيرها بين الكاظمية والكريعات والاعظمية والرصافة.. عبَّرت مياه دجلة عن شوقها باهتزازها وحركاتها وخريرها راقصة مهللة احترماً إلى كرامة هذه المواقع فتعززت محاسن هذه البقاع المتحابة بتعاونها وتوحد منهجها وايمانها بالحق والعدل دائماً.. وقد وثقت سواحل وبقاع كلٍ منها مسيرة الحب والاخلاص والتعاون والتحابب لذا ارتفعت أهمية الكريعات وغيرها اجتماعياً واقتصادياً وتاريخياً وازدادت أهمية مجتمعها رفعة وتعددت اسماؤها فهي بغداد الشرقية والكرادة والشماسية والكريعات الماجدة.
إن الحديث عن أهل الكريعات ومعهم يفتحُ أبواب الأفئدة مسرة ومعرفة. بمخافة الله تعالى والجهاد في سبيل الحق والعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكان الصبر والورع والكرم والأدب وحسن التربية لباسهم وأصالة التاريخ أهلهم وأجدادهم فلكل زقاق منها أهمية ونشاط وطني وإسلامي.. تعددت أدوارها وأشرقت أنوارها فهي دار دنيا وآخرة.
زار الكريعات رجالُ العراق والعالم منهم خلفاء الدولة العباسية الذين خاطبوا السماء وسحابها معلنين مجد الإسلام والعرب وسعدهم... تنعموا بجمال مناظر الكريعات وفيئها وشمسها وأنوارها وعطر أزهارها وثمار أشجارها الكثيرة.
كما زارها عبد الكريم قاسم يوم كان طالباً وضابطاً وزعيماً وقائداً وموجهاً ثم رئيساً لجمهورية العراق.. تأَلَّم لقلة العناية ببعض أطرافها وعدم تبليط شوارعها فوعد بتبليطها قبل فصل الشتاء، وبأنه سيهتم بدراسة لتحسينها وبتشييد جسر يربطها بالكاظمية كي يزيد التصاقها وتعزيز مواصلاتها.. اما الجسر فلهُ حديث آخر.. وأبدأُ بوعدهِ بالتبليط قبل أمطار الشتاء على وفق توصياته وتأكيداته إلى رئيس أمانة بغداد.. استمر في الاتصال حول إنجاز التبليط مراراً فوعدهُ المسؤول خيراً.. عَلِمَ الزعيمُ بعدم اكتمال التبليط في أول مطرة.. زارها مصطحباً معه رئيس أمانة بغداد المسؤول الذي لم يستطع إكمال العمل بسبب قصر الفترة وكثرة أعماله المتشعبة.. توقفت سيارتهما قبل الساحة الأخيرة بأمر الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس جمهورية العراق، وخرجا من السيارة وسارا سوياً مشياً على الأقدام في الجزء الذي لم يتم تبليطه حول الساحة فتمرغت أقدامهما بالأَطيان أسوة بأهل الكريعات احتراما للجماهير المحتشدة واعتذاراً منهم*
ووعدهم باكمال التبليط...
الزعيم عاقب نفسه وعاقب موظفهُ بالسير في الأطيان احتراماً لأهالي الكريعات وتعذراً منهم لعدم إكمال العمل وقد تم التبليط كاملاً بعد ذلك اليوم.

عبد الكريم الملا نوشاد الحياتي الحواني
باحث وناشر وموزع
مكتبة ابن حيان - شارع المتنبي
* ان اعتذار الإنسان يؤكد طيبه وتواضعه ومشاعر ندمه على التقصير وإيمانه بالآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

ليست هناك تعليقات: