السبت، 6 فبراير 2010

البناء الاجتماعي أنساقه ونظمه (عرض كتاب)



المقدمة
من بين اهتمامات علم الاجتماع (القديم والحديث والمعاصر) تحديد مقومات قيام المجتمع واستمراره في الوجود الإنساني، وقد تم ذلك فعلاً من قِبل المنظرين، فبدأوا بتحديد وتشخيص مكونات النظام الاجتماعي( معايير وقيما وقوانين) من أجل معرفة كيف تقوم بتنميط وتقويم السلوك الآدمي، ثم بحث البعض الأخر من المنظرين مقومات الكيان الاجتماعي(النسق) من خلال دراستهم للجماعات والتنظيمات والمؤسسات الرسمية والعرفية، ودوافع انتماء الآدميين لهذه الكيانات وسبب تعاقدهم وتعاضدهم وتضامنهم لكي يسلطوا الضياء على درجة تمدنهم وتحضرهم في التنظيمات البشرية.
ثم جاء منظرون آخرون درسوا الكيانات مجتمعة وما ينجم عنها من وظيفة عامة وترابط كلي وآثار ذلك على وجود المجتمع لتحديد تطوره أو تخلفه أو تغيره، فكانت نتيجة دراستهم لهذه المقومات أنها وصلت إلى تحديد الهيئة العامة للهيكل البنائي الذي يقام عليه المجتمع.
فظهرت مفردات لغوية تعبر عن عملهم هذا، اذ استعملوا مفردة النظام الاجتماعي والتنظيم الاجتماعي، والمؤسسة الاجتماعية، والنسق الاجتماعين والبناء الاجتماعي استعملت في علم الإنسان( الانثربولوجي) أكثر من علم الاجتماع مستخرجة من المجتمعات البدائية أكثر من المجتمع الحديث والمعاصر، فلم تخدم علم الاجتماع لأنها لم تعكس جزيئات الحياة الاجتماعية الحديثة أو مكوناتها( على الرغم من صوابها ورصانتها). لكن بعد منتصف القرن الماضي انصب اهتمام المنظرين الاميركان امثال بارسونز، ومرتن، وكوادنر، وديفز، وورنر وليمز، وليغين، ولومس، وباسكوف، وسملسر، لضخ جل إعمالهم التنظيرية في مصب هذا الاتجاه، فربطوا مكونات المجتمع ووظائفها فأطلقوا مفردة " الوظيفة البنائية" للتعبير عن الأهداف التي تصبو الجماعات والتنظيمات إلى تحقيقها من أجل المحافظة على قيام المجتمع واستمراره، فاستبعدوا جميع حالات الصراع الاجتماعي وعدوها حالات مرضية وظرفية( وقد تكون هذه أحدى حالات تنظيرهم)، هذا من جانب ومن جانب آخر، فقد وجدت اضطراباً في استعمال مفردة البناء الاجتماعي في أدبيات علم الاجتماع المترجم إلى اللغة العربية، فالقارئ العربي يحتار من الاستعمالات المضطربة لما هو مقصود من قبل المترجم العربي، اذ انه يستخدم مفردة " النظام" ليعبر عن البناء، وتارة يستخدم مفردة "النسق" ليعبر عن النظام، ومرة ثالثة يستعمل تعريف " الجماعة الاجتماعية" لتحديد البناء الاجتماعي... وهكذا.
ومرد هذا الارتباك والاضطراب يعود إلى عدم التمييز بين استعمالات علماء الإنسان عن استعمالات علماء الاجتماع اذ يوجد اختلاف بينهما. هذا من جانب ومن جانب آخر فإن تحديد مفردات البناء والنسق والنظام لم يتفق عليها. من قبل علماء الإنسان والاجتماع أنفسهم.
وإزاء هذا الاضطراب اللفظي والتعبيري توصلت إلى تسمية ترجمة عربية لم تعتمد على الترجمة الأجنبية وهي مفردة " الهيكل" بعد إن استعملت مفردة " العمارة" لمدة عامين كبديل لمفردة البناء، إلا إني لم اقنع باستعمال مفردة العمارة لان مضمونها ر يمتد إلى احتواء مفردات الأنساق والنظام( الكيانات والنظام) فاستقررتُ فيما بعد على تبني مفردة" الهيكل" لكونها عربية وغير مترجمة ولم تستعر من علم الإحياء أو العلوم الصرفية. وسبب تحوّلي عن استعمال مفردة" البناء" إلى مفردة " الهيكل" هو إن الرواد الأوائل في علم الإنسان والاجتماع استعاروها من علم الإحياء في دراسته لبناء جسم الكائن الحي. أي إنها لم تستخرج من الاستعمالات الاجتماعية (ولو إن هذه الاستعارة لا تعد مثلبة) بل أجد من المفيد البحث عن مصطلحات أو مفردات لغوية مستعملة في الحياة الاجتماعية من قِبل الناس وعدم الاستمرار في الاستعارة من العلوم الصرفية.
ثم استخدمت مفردة" الآدمي" على الفرد ككائن بشري لم يؤنَس او ينشّأ اجتماعياً وكان أول من استخدمها هو المفكر ابن خلدون، ومن ثم جاء راد كليف بروان( عالم إنسان بريطاني) الذي ميّز بين الفرد والشخص، عنى بالأول الكائن البشري قبل تأنيسه، وعنى بالثاني بعد تأنيسه، وهذا تميز دقيق وذكي ولكن للأسف لم يستمر استخدام هذا التميز عند علماء الإنسان والاجتماع بعد طرح براون له.
أما دوافع تأليفي لهذا المؤلف فانه يرجع إلى تدريسي لمساق يحمل عنوان" بناء ونظم المجتمع" في جامعة اليرموك مع ميلاد قسم علم الاجتماع فيها عام 1991-1992 الأمر الذي جعلني اجمع معلومات( أجنبية وعربية) وانظمها واحلل بعضها لكي تكون مادة تدريسية لطلبة هذا الاختصاص واستخلص المواضيع والمصطلحات والتعاريف الخاصة بعلم الاجتماع مستبعداً الاستعمالات الانثربولوجية( جهد الإمكان) لكي لا يحصل لُبس او تداخل بين استعمالاتهما عند الطلبة فجاء المؤلف بخمسة وحدات(فصول) ضم الأول معنى البناء الاجتماعي الذي اختلف من بلد إلى آخر، فمعناه في بريطانيا اختلف عن معناه في فرنسا والمانيا وأمريكا، ثم أوضحت عمليات البناء وتماسكه، اما في الوحدة الثانية فقد طرحت فيه الكيان الاجتماعي(النسق الاجتماعي) موضحاً فيه كيف ينشأ الكيان وما هي نظرياته، ثم فصّلت قوام الكيان المتمثل في الموقع والسلطة والدور والنفوذ والعلاقة والتفاعل الاجتماعي. ثم عرجت إلى أقسام الكيان التي اشتملت على المؤسسات والتنظيمات والجماعات، وأنهيت الوحدة بالوظائف الاجتماعية. وفي الوحدة الثالثة قدمت موضوع النظام الاجتماعي مبتدئاً من مكوناته ومنتهياً بألياته الضبطية العرفية والرسمية والمشتركة.
بينما أتت الوحدة الرابعة حاملة عنوان" أنواع الهياكل الاجتماعية" التي تضمنت الهيكل المتصلب والمرن. وختمت مؤلفي بالتحليل الاجتماعي الذي يمكن استخدامه في تحليل الأبنية والوظائف الاجتماعية لمكونات الهيكل الاجتماعي.


تفصيل فهرس الكتاب

المقدمة
الوحدة الأولى/ البناء الاجتماعي
إلماعة عاجلة:
1/أ- علاقة الفرد بالبناء الاجتماعي، 1/ب- البناء الاجتماعي عند البريطانيين، 1/ ج- البناء الاجتماعي عند الفرنسيين، 1/ د- البناء الاجتماعي عند الالمان، 1/ هـ - البناء الاجتماعي عند الاميركان، 1/ و- عمليات الهيكل (البناء) الاجتماعي، 1/ ز- تماسك الهيكل (البناء) الاجتماعي.

الوحدة الثانية/ الكيان الاجتماعي( النسق الاجتماعي)
2/أ- نشوء الكيان الاجتماعي.
2/ ب- نظريات الكيان الاجتماعي.
2/ ج- قِوام الكيان الاجتماعي:
1- الموقع الاجتماعي.
2- السلطة.
3- الدور الاجتماعي.
4- النفوذ الاجتماعي.
5- العلاقة الاجتماعية.
6- التفاعل الاجتماعي.

2/د- أقسام الكيان الاجتماعي
أ‌- المؤسسات الاجتماعية.
ب‌- التنظيمات الاجتماعية.
ج- الجماعات الاجتماعية.
2/ هـ - الوظيفة الاجتماعية

الوحدة الثالثة/ النظام الاجتماعي
إلماعة عاجلة:
3/ أ- مكونات النظام الاجتماعي
أ‌- المعايير الاجتماعية.
ب‌- القيم الاجتماعية.
ج‌- القوانين.
د- التعاليم الدينية.

3/ ب- آليات النظام الاجتماعي
1- الآليات العرفية.
أ- التنشئة الاسرية.
ب- الجماعة الضاغطة.
ج- المناسبات والاماكن المقدسة.
د- الحسد أو العين.
هـ - الامثال والاقوال المأثورة.
2- آليات الضبط الرسمية
أ- التنظيمات العقابية.
ب- الالزام القسري.
ج- الاجهزة التصويرية والتسجيلية.
3- آليات ضبطية مشتركة.
أ- السخرية.
ب- إطلاق الشائعات.
ج- الفضيحة.

الوحدة الرابعة/ أنواع الهياكل الاجتماعية
إلماعة عاجلة:
4/ أ- الهيكل الاجتماعي المتصلب
4/ ب- الهيكل الاجتماعي المرن

الوحدة الخامسة/ التحليل الهيكلي
(البنائي- الوظيفي).



***
**
*

تفصيل تخريج الكتاب
أ. د. معن خليل عمر، البناء الاجتماعي.. أنساقه ونظمه، دار الشروق للنشر والتوزيع، طبع في مطابع الأرز، الطبعة العربية الأولى (الإصدار الثالث)، عمان- الأردن، 1999م.

***
**
*



وفي هذا المقام أقدم شكري للأخ الأستاذ فخري الكتاني على مراجعته للمخطوطة قبل طبعها.
أخيراً أسأل الحق الذي منح كل الحق وجوده أن يسدد خطانا وان يتوج بالنجاح مسعانا، وان يوفقنا إلى المعرفة التي هي غايتنا الأولى والخيرة من كل ما نزاوله ونحاوله. وبالله، ومنه التوفيق.


الأستاذ الدكتور
معن خليل عمر
جامعة اليرموك- اربد
1992م.

ليست هناك تعليقات: