تنويــه: يتم تصفح المدونة، من خلال عبارة - رسالة أقدم - أسفل يسار الصفحة.
المقدمة
يعد موضوع العلاقات العراقية السعودية بين سنة 1920 وسنة 1931 من المواضيع التي تستحق البحث والدراسة نظراً لحداثته وحيويته ولأنه لم يسبق ان بحث بحثاً اكاديمياً على الرغم من خطورته وأهميته في الكشف عن خلفيات العلاقات العراقية السعودية في التاريخ الحديث.
احتل العنف حيزاً كبيراً في علاقات العراق بنجد بعد استفحال الحركة الوهابية بعد ان تحالفت مع آل سعود في منتصف القرن الثامن عشر. ولما كان لهؤلاء تطلعات نحو الأراضي التي يسكنها المسلمون خاصة العرب منهم فان حركتهم هذه اتخذت طابع الفتح والتوسع بعد تولي عبد العزيز بن محمد بن سعود امارة آل سعود في الدرعية. وقد حاول باللين تارة وبالعنف تارة أخرى نشر العقيدة الوهابية ومد النفوذ السعودي، إلا انه اصطدم بمماليك العراق وعلى رأسهم سليمان باشا الكبير والي بغداد (1779-1802م)، مما وتّر علاقة آل سعود بالمماليك لدرجة كبيرة. وقد سادت الغزوات المتبادلة بين مماليك العراق وآل سعود أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر وحتى انهيار المماليك في 1831م. إلا إن الغزو الوهابي على العراق لم يلبث ان تضاءل بل وتوقف بفعل الغزو المصري للإمارة السعودية. وظلت العلاقات العراقية – السعودية تتأرجح بين تحسن وتدهور حتى احتل الانكليز العراق على مراحل وسقطت الدولة العثمانية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى.
ولما كان الانكليز قد عقدوا أشبه بالحماية من ابن سعود في سنة 1915م فكان من المؤمل إن يسود الهدوء بين العراق المحتل وإمارة آل سعود. وظلت الحال كذلك حتى تولى فيصل بن الحسين عرش العراق في آب 1921م فبدأت العلاقات تسوء بسبب العداء الذي يكنه آل سعود للعائلة الهاشمية في الحجاز عامة وللشريف حسين بن علي وأنجاله خاصة. وهكذا ابتدأت فترة أخرى من العنف بين البلدين شملت العقد الثالث من القرن الماضي. وقد تجسد في هذه الفترة الغزو والقسوة بأقسى صورهما، إلا إن هذه الفترة الدموية لم تلبث إن انتهت في نيسان 1931م بعقد معاهدة للصداقة وحسن الجوار بين العراق ونجد أنهت عهداً من الصراع والتأزم بين القطرين العربيين الجاريين.
ضمّ البحث بين دفتيه مدخلاً وخمسة فصول، تناولت في المدخل علاقة العراق العثماني بالحركة الوهابية وآل سعود منذ ظهور الحركة الوهابية في نجد وتبني آل سعود لها في قاعدتهم (الدرعية) حتى بدء الحرب العالمية الأولى.
وكيف وقف الوالي المملوكي سليمان باشا الكبير (1779- 1802م)، ضد هذه الحركة ورفضه دعوة عبد العزيز بن محمد بن سعود لنشر المبادئ الوهابية، التي تتستر خلفها الآمال العائلية الطموحة لآل سعود، في الأراضي العراقية وكيف كان الرفض وعوامل أخرى منطلقاً لقيام اعنف الهجمات الوهابية ضد العراق في عهد الوالي المذكور ومن أعقبه من ولاة. ومن أشهر واعنف الغزوات الوهابية غزوة كربلاء في آذار 1802م حين قتلوا الآلاف ونهبوا الأموال والثروات الطائلة التي كانت تزدان بها الحضرة الحسينية. وقد زادت هذه الغزوة الحقد شدة والتوتر حدة وظلت الحرب سجالاً بين آل سعود والمماليك حتى انتهى حكم المماليك في 1831 حين بدأت العلاقات تتحسن نوعاً ما ولكنها لم تلبث إن تأزمت حين قرر الوالي مدحت باشا 01869-1872م) استعادة الإحساء من آل سعود منتهزاً فرصة الصراع العائلي بين الأخوين عبد الله وسعود ولدى فيصل بن تركي ولكن الأمير السعودي الشاب عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل السعود لم يلبث إن استعادها لأهميتها الجغرافية والاقتصادية والبشرية وظلت كذلك حتى يومنا هذا. وما إن اشتعلت الحرب العالمية الأولى حتى وجد عبد، الشهير بابن سعود، نفسه مع الانكليز ضد الدولة العثمانية ومنفذى أوامرها في نجد آل رشيد أمراء حائل اعدائه الالداء وظل في صراع شديد معهم طوال سني الحرب.
وتناولت في الفصل الأول الصلات العراقية- النجدية بعد احتلال الانكليز للعراق بين 1914- 1918 وتوتر هذه الصلات بعد لجوء عشيرة شمر النجدية إلى الأراضي العراقية قبل وبعد سقوط حائل في تشرين الأول 1921م على يد ابن سعود عاهل نجد وترحيب العشائر العراقية في بادئ الأمر خاصة عنزة بشمر ومساعدتها او الاشتراك معها في الغزو على الاراضي والعشائر النجدية مما اوجب سخط الحكومة النجدية الشديد. وقد ازدادت الرعاية العراقية لشمر نجد بعد تولي فيصل عرش العراق مما عد تهديداً لسلطنة نجد وأمنها وأدى، تسنده عوامل أخرى، إلى هجوم الإخوان في آذار 1922 على العشائر العراقية الآمنة النازلة في بادية الشامية وتكبيدها خسائر جسيمة في الأرواح والأموال مما رفع حدة الصرع بين العراق ونجد ودفع الحكومة البريطانية إلى العمل الحثيث على تخفيف هذه الحدة ضماناً لمصالحها من ناحية وترسيخاً لنفوذها في الأراضي العراقية والنجدية من ناحية أخرى. فعقد مؤتمر المحمرة في حاضرة الشيخ خزعل خان في مايس 1922م. وقد أرسى هذا المؤتمر علاقات البلدين لأول مرة على أسس تعاهدية حين عقدت معاهدة المحمرة التي حددت تابعية العشائر للبلدين من ناحية وأوكلت تحديد الحدود بينهما إلى لجنة مختصة من ناحية أخرى ولكن ابن سعود تصديق هذه المعاهدة بحجة تجاوز مندوبه للصلاحيات المعطاة له من جهة وإنها سلبته حقوقاً موروثة من جهة أخرى دفع الحكومة البريطانية إلى عقد مؤتمر ثان بين البلدين فعقد المؤتمر في ميناء العقير او العجير على ساحل الخليج العربي في تشرين الثاني وكانون الأول من سنة 1922م حضره ابن سعود نفسه والسير برسي كوكس المعتمد السامي البريطاني على العراق بالإضافة إلى السيد صبيح نشأت وزير الإشغال والموصلات ممثلاً عن الحكومة العراقية، وقد نجح هذا المؤتمر بفضل حنكة كوكس السياسية في حمل ابن سعود على تصديق معاهدة المحمرة ونجح كذلك في تحديد خط للحدود بين العراق ونجد وهو الخط الحالي مما أبطل عمل اللجنة الأنفة الذكر. إلا إن نتائج العقير المثمرة لم تكن كافية البتة لحل مشالك البلدين بسبب استمرار الغزو بين عشائر الطرفين خاصة بين شمر والإخوان وكذلك ضغط ابن سعود الشديد على المدن الحجازية واحتلاله الفعلي لبعض هذه المدن ما استوجب عقد مؤتمر جديد لبحث الصلات الهاشمية- السعودية بشكل عام والعلاقات العراقية- السعودية بشكل خاص فكان مؤتمر الكويت الذي عقد في شتاء 1923- 1924م.
خصصت الفصل الثاني لبحث مؤتمر الكويت الذي هدفه رتق الفتق بين الدول الهاشمية الحجاز والعراق وشرق الأردن من جهة وحكمة نجد من الجهة الأخرى بشكل عام وبين العراق ونجد بشكل خاص. وكاد المؤتمر يصل إلى اتفاق أو بالأحرى مشروع اتفاق بين البلدين ولكن تصلب مندوبي نجد من ناحية وإصرار الحكومة العراقية وعلى رأسها الملك فيصل على إنقاذ حكومة الحجاز الهاشمية من مصيرها المحتم ومد يد العون لها من خلال المؤتمر من ناحية ثانية والمطالب المتطرفة والشاذة لحكومة شرق الأردن من ناحية ثالثة فضلاً عن إصرار حكومة نجد على إزالة حكومة الحجاز الهاشمية من الوجود من ناحية رابعة. كل هذه العوامل مهدت إلى فشل مؤتمر الكويت واستكمل المؤتمر أسباب فشله حين قام الإخوان النجديون بهجمة مباغتة وعنيفة على العشائر العراقية الآمنة في بادية الشامية فكبدوها خسائر فادحة في الأرواح والأموال. وكانت هذه الهجمة القشة التي قصمت ظهر المؤتمر فانهار.
تناولت في الفصل الثالث المعنون باسم مؤتمر بحرة صلات العراق بنجد بعد فشل مؤتمر الكويت. وكيف مهدد الظروف والإحداث لعقد مؤتمر بحرة في الاراضي الحجازية المحتلة من قبل قوات ابن سعود. ومن الجدير بالذكر إن هذا المؤتمر لم يعقد الا بعد ان تهيأت الظروف الملائمة لعقده، الحكومة الهاشمية في الحجاز على وشك السقوط. الحسين نفي بعد ان تنازل مكرهاً عن العرش لولده علي وهذا على وشك التنازل بفعل الضغط العسكري السعودي المسند أدبياً من قبل الانكليز. الإخوان يحتلون معظم الأراضي الحجازية ما عدا جدة وهي قاب قوسين من السقوط او ادنى. التازم يأخذ بتلاليب علاقات العراق بنجد بسبب الغزو المتبادل وإحداث الحجاز. ضغط فيصل على الحكومة البريطانية لتساعد مملكة الحجاز او تحول بين ابن سعود وبينها على الأقل لم يجد نفعاً بل العكس إذ أجدى الضغط البريطاني على فيصل كل النفع إذ حال بينه وبين التدخل لصالح الحكم الهاشمي في الحجاز. رغبة أهل الحجاز بخروج الإشراف بسبب شدة الضغط السعودي على مدينة جدة من ناحية ورغبة منهم في إنقاذ أنفسهم وأموالهم من الدمار المتوقع من ناحية اخرى. وبهذا عقد المؤتمر وسط آمال تتوقع له النجاح فثمر اتفاقية بحرة لسنة 1925م التي وضعت أسساً جديدة لحل الخلافات بين البلدين فطرأ تحسن نسبي على علاقات البلدين حتى مر معظم عام 1926م بسلام. ولكن جو العلاقات بين البلدين لم يلبث إن تلبد بالغيوم حين عمدت الحكومة العراقية إلى إنشاء بعض المخافر الثابتة في البادية وعلى رأسها مخفر بصية بهدف توفير الأمن لعشائر البادية ومنع العشائر العراقية من غزو العشائر النجدية، وصد العشائر النجدية من غزو العشائر العراقية في الوقت نفسه. إلا إن الحكومة النجدية اعتبرت إنشاء المخافر عملاً عدوانياً لها. ولم تجد تبريرات الحكومة العراقية وحسن نواياها إذناً صاغية في نجد فأصبحت الأوضاع بين البلدين تنبيء بخطر داهم وتجسد ذلك في غزوة الإخوان على مخفر بصية في تشرين الثاني 1927م حين قتلوا عمال وشرطة فرفعت هذه الغزوة درجة التوتر بين البلدين مما استلزم عقد مؤتمر جديد إلى توضيح المقاصد وإبراز حسن النوايا وتخفيف العداء ومناقشة المسائل المختلف عليها سابقاً والتي استجدت خاصة مشكلة المخافر.
بحثت في الفصل الرابع "مؤتمر جدة" الظروف والملابسات التي أحاطت بإنشاء مخفر بصية والدوافع الحقيقية التي حفزت الحكومة العراقية على بنائه ومن ثم الاستياء النجدي على المستويين الرسمي والعشائري والذي تجسد في الهجوم على المخفر كما سلفت الإشارة. وكيف دفع هذا الهجوم الحكومة البريطانية إلى الدعوة لعقد مؤتمر في جدة لحل مشكلة المخافر بشكل خاص والمشاكل الأخرى بين البلدين بشكل عام. وقد عقد هذا المؤتمر على مرحلتين الأولى في مايس 1928 والثانية في آب 1928 ولكن المرحلتين باءتا بالفشل بسبب اصرار ابن سعود على تهديم المخافر وتحريم بنائها من ناحية واصرار الوفد العراقي العراقي يسانده الوفد البريطاني على بقاء المخافر باعتبارها حق طبيعي من حقوق السيادة العراقية لا يناقض المعاهدات والاتفاقيات العراقية- النجدية النافذة نصاً او روحاً من ناحية اخرى. وقد شجع فشل مؤتمر جدة الاخوان النجديين على التمادى في الغزو والاعتداء على العشائر العراقية في عقر دارها. الا ان هذا الغزو لم يلبث ان توقف بسبب انشغال الاخوان في صراعهم مع عاهلهم ابن سعود اذ ان غرور قادة الاخوان خاصة فيصل الدرويش وابن حميد دفعهم الى التمرد على سلطانهم بسبب عدم تلبيه مطالبهم واشباعه طموحهم الشخصي بالامارة والتسلط. ولكن هذا التمرد باء بالفشل بسبب صمود ابن سعود وثباته وحسن تصرفه من جهة وتعاون السلطات العراقية والبريطانية معه من جهة اخرى. وقد اثمر التعاون العراقي – النجدي حين طوى صفحات الماضي المؤلم وفتح صفحات جديدة من الود والاخاء تجسدي في عقد مؤتمر لوبن بين العاهلين فيصل وابن سعود في اطلاله 1930م.
تناولت في الفصل الخامس والأخير مؤتمر لوبن مبتدءاً بالمؤتمر التمهيدي الذي عقد في الكويت في النصف الأول من شباط 1930 لاعداد ورقة عمل للمؤتمر الملكي. ولكن المؤتمر التمهيدي لم يوفق في حل اية مسألة من المسائل المع7روضة عليه عدا تحديد موعد المؤتمر الملكي. ولكن المؤتمر الملكي نجح في تحسين صلات البلدين والعاهلين اذ كان مؤتمراً حاسماً بالنسبة لعلاقات البلدين اذ ارسى هذه العلاقات على أسس الاخاء والتعاون ومهد لحل كافة المسائل المعلقة بين العراق ونجد وذلك حين زار نوري السعيد رئيس الوزارة العراقية مكة في نيسان 1931م ونجح في توقيع معاهدة الصداقة وحسن الجوار واتفاقية تسليم المجرمين وبروتوكول التحكيم. وبذا رست علاقات البلدين على أسس تعاهدية رصينة فضلاً عن زوال جو الوجوم والريبة الذي يغلف هذه العلاقات فظلت هذه العلاقات تسير نحو التحسن باستمرار.
يمكن تقسيم مصادر البحث الى ما يلي:
1- الوثائق العراقية الرسمية غير المنشورة.
2- الوثائق العراقية المنشورة.
3- الوثائق النجدية المنشورة.
4- الوثائق البريطانية المنشورة.
5- الجرائد العراقية والعربية.
6- الكتب العربية.
7- الكتب الأجنبية.
يعتمد البحث بالدرجة الأولى على الوثائق العراقية غير المنشورة والمتوفرة في المركز الوطني لحفظ الوثائق في بغداد اذ يحتوى هذا المركز على الاف الملفات التي تضم المراسلات السرية بين دوائر الدولة الرسمية خاصة بين الديوان الملكي ودار الاعتماد البريطانية وسكرتارية مجلس الوزراء والوزارات العراقية المختصة خاصة الخارجية والداخلية والدفاع علماً بان هذه الثروة الوثائقية العظيمة كانت مهملة في احد مخازن البلاط الملكي في الاعظمية. وهذه المراسلات في غاية الأهمية خاصة فيما يتعلق بموضوع البحث اذ قلما تمر شاردة أو واردة دون احاطة البلاط الملكي علما بها. وقد استفدت اكبر فائدة من هذه الوثائق وبشكل خاص من مجموعة ملفات وزارة الخارجية العراقية اذ احتوت على تطورات العلاقات مع نجد وصراع العشائر العراقية مع الاخوان في البادية المترامية الاطراف. اما المجموعة الوثائقية الاخرى التي وفقت في الاطلاع عليها فهي ملفات مخازن وزارة الداخلية المكدسة تحت طبقات من الاتربة منذ عشرات السنين بلا ترتيب أو تنظيم او اعتناء مع اهميتها بل وخطورتها وقيمتها الوثائقية الكبيرة. والحال الذي عليه هذه الملفات التي لا تحصى يثير الالم والحزن في آن واحد فهي معرضة للتمزيق والاهمال مع انها تحتوى على جزء مهم من تاريخ العراق المعاصر منذ تشكيل حكومته "الوطنية" الاولى في اواخر 1920 حتى ما بعد ثورة 14 تموز 1958م. احتوت الملفات المتعلقة بالبحث مراسلات مهمة جداُ بين العراق ونجد وبريطانيا وعلى مراسلات وزارة الداخلية مع متصرفياتها واقضيتها ونواحيها ومراكزها الثابتة والمتنقلة والتي كانت تنقل للوزارة وباستمرار آخر اخبار البادية وتحركات الاخوان والعشائر العراقية.
اما الوثائق العراقية المنشورة فتتركز بالدرجة الاولى على مجموعة قرارات مجلس الوزراء العراقي للفترة بين 1920-1928م والتي كانت تطبع بمجاميع لكل ثلاثة اشهر أو اكر لاستعمال الحكومة العراقية الخاص فقط. وقد احتوت هذه المجاميع على دور مجلس الوزراء العراقي في معالجة كثير من مشاكل العراق مع نجد سواء ما كان منها ظاهراً او خفيا. ومن الوثائق العراقية المنشورة ايضا مجموعة المعاهدات والاتفاقيات المعقودة بين العراق ونجد والكتب المتبادلة بشانها وكذلك محاضر مجلسي اللاعيان والنواب العراقيين للفترة بين 1925- 1931م.
اما الوثائق النجدية فاقصد بها على وجه التحديد الكتاب الذي اصدرته حكومة سلطنة نجد باسم الكتاب الاخضر النجدي عن مؤتمر الكويت والذي أوردت فيه مجموعة من الوثائق الرسمية النجدية والعراقية البريطانية وحاولت من خلاله تبرئة موقفها ازاء فشل مؤتمر الكويت الذي عقد في شتاء 1923- 1924م. وقد تميز هذا الكتاب بالتنظيم فضلاً عن اورد بعض الوثائق العراقية والبريطانية التي احرجت موقف الحكومتين وجعلتهما في حيرة من الطريقة التي تمكنت فيها حكومة نجد من الحصول على الوثائق التي نشرتها طي كتابها الانف الذكر.
وتتركز الوثائق البريطانية المنشورة على التقارير التي كانت ترفعها حكومة الانتداب البريطاني على العراق الى عصبة الامم للفترة بين 1920- 1932م، والمشهورة بـ:
(British Colonial Office, Report on Iraq Administration)
وقد جسدت هذه التقارير اراء الحكومة البريطانية في الصلات بين العراق ونجد ولكن هذه التقارير تنقصها الصراحة لأنها معرضة لمناقشة الانتدابات التابعة للعصبة من ناحية ومعرضة للنشر والاطلاع عليها من أخرى مما جعلها تذكر ما يعزز موقفها كدولة منتدبة وتتحاشى ذكر ما يجرح هذا الموقف ويعرضه للنقد. الا ان هذا لم يحل بين الصحافة الوطنية العراقية وبين نقد هذه التقارير.
اما الجرائد فقد احتوت على معلومات طيبة عن تطور العلاقات بين البلدين عبر بيانات الحكومتين الرسمية عن الإحداث التي تقع بينهما وتتبع هذه الجرائد للإحداث التي تحدث وما ينجم عنها من نتائج وخسائر سواء في الأرواح او الأموال. ولا شك لافتتاحيات هذه الصحف اثر كبير في معرفة اتجاهات الرأي العام خاصة وان من بين هذه الصحف ما يعبر عن الانكليز المنتدبين مثل:
Iraq Times – Baghdah Times
والعراق ومنها ما يمثل الحركة الوطنية في العراق كالاستقلال، الرافدان، صدى الاستقلال التي تعود ملكيتها الى الصحفي الوطني المعروف عبد الغفور البدري وكذلك من هذه الصحف ما كان ينطق بلسان حال الأحزاب العراقية مثل صحيفة النهضة لسان حال حزب النهضة وصحيفة نداء الشعب لسان حال حزب الشعب وصحيفة التقدم لسان حال حزب التقدم، إما الصحف العربية فاهمها صحيفة أم القرى لسان حال حكومة نجد وهناك صحف عربية أخرى مصرية كالبلاغ والسياسة والمقطم وسورية مثل صحيفة الأحرار، وهذه الصحف كانت تمثل بصورة او بأخرى بعض اتجاهات الراى العام في هذه الاقطار عن الاحداث التي كانت تهم العراق ونجد.
اما الكتب العربية فقد استفدت من الكثير منها خاصة عند دراستي للحركة الوهابية وصلاتها مع العراق العثماني ومن اهم الكتب تاريخ نجد لحسين ابن غنام، وعنوان المجد في اخبار نجد لابن بشر الذي ينقل كثيراً عن ابن غنام، وخمسة وخمسون عاماً من تاريخ العراق للحلواني المدني، ودوحة الزوراء في تاريخ وقائع بغداد الزوراء لرسول الكركوكلي، وتاريخ نجد لسنت جون فلبي، واربعة قرون من تاريخ العرق لستيفن لونكريك، وغيرها من الكتب التي عرضت تطورات الحركة الوهابية وتعاونها مع آل سعود وانتصارات هذه الحركة وكبواتها. اما الكتب التي افادتني في دراسة فترة البحث فهي بالدرجة الاولى مؤلفات الاستاذ عبد الرزاق الحسني التي ضمت بين دفتيها ثروة وثائقية قيمة خاصة كتبه تاريخ الوزارات العراقية، تاريخ العراق السياسي الحديث، العراق في دورى الاحتلال والانتداب، وكذلك كتاب المس بل فصول من تاريخ العراق القريب وكتاب ايرلاند العراق دراسة في تطوره السياسي، ومذكرات كل من الملك عبد الله وتوفيق السويدي وعلي جودت الأيوبي وعبد العزيز القصاب. وكتب أمين الريحاني: ملوك العرب، تاريخ نجد وملحقاته، فيصل الأول، وغيرها من الكتب العربي.
إما الكتب الأجنبية التي أفادتني في البحث فهي كثيرة ولكن اخص بالذكر منها رسائل المس بل السكرتيرة الشرقية لدار الاعتماد البريطانية في بغداد التي نشرتها في سنة 1927م بجزئين باسم:
Lady Florence Bell The Letters or Gertrude Bell
ولكن هذه الرسائل رغم أهميتها وما احتوته من معلومات قيمة منها الكثير بسبب الظروف ووجود الحكم الملكي في العراق. ولكن اندثار هذا الحكم في 1948م شجع Elizabeth Burgoyne على نشر مجموعة الرسائل التي لم تنشر كاملة في طبعة 1927م والتي لم تنشر مطلقاً في تلك الطبعة وذلك في سنة 1961م تحت عنوان:
Gertrude Bell From Her Personal Papers
ومن الكتب الأخرى الجيدة كتاب Harry St. J. B. Philby صديق ابن سعود المقرب الموسوم Arabia الذي ضمنه الكثير من الإحداث المهمة متحدثاً عنها حديث المطلع. ومن هذه الكتب مؤلفات Harold R. Dickson الذي ارتقى مناصب مهمة في العراق والكويت والبحرين واهم مؤلفاته في مجال البحث هي:
Notes on The House of Lon Saud
Kuwait and her Neighbours
وكذلك كتاب أمين الريحاني وهو من أصدقاء ابن سعود:
Ibn Saud, His People and His Land
وكتاب حافظ وهبة مستشار ابن سعود Arabian Days، واخيراً أقول بان البحث ما هو إلا دراسة للعلاقات السياسية بين العراق ونجد التي اقل ما توصف به بأنها من أسوا أنواع العلاقات التي قامت بين بلدين وشعبين يجمعهما تاريخ واحد ولغة واحدة إذ كانت هذه العلاقات مثالاً للعنف والقسوة مما جعل دراستها ت أهمية للاستفادة من إحداث الماضي في بناء مستقبل أكثراشراقاً صفاءاً.
يعد موضوع العلاقات العراقية السعودية بين سنة 1920 وسنة 1931 من المواضيع التي تستحق البحث والدراسة نظراً لحداثته وحيويته ولأنه لم يسبق ان بحث بحثاً اكاديمياً على الرغم من خطورته وأهميته في الكشف عن خلفيات العلاقات العراقية السعودية في التاريخ الحديث.
احتل العنف حيزاً كبيراً في علاقات العراق بنجد بعد استفحال الحركة الوهابية بعد ان تحالفت مع آل سعود في منتصف القرن الثامن عشر. ولما كان لهؤلاء تطلعات نحو الأراضي التي يسكنها المسلمون خاصة العرب منهم فان حركتهم هذه اتخذت طابع الفتح والتوسع بعد تولي عبد العزيز بن محمد بن سعود امارة آل سعود في الدرعية. وقد حاول باللين تارة وبالعنف تارة أخرى نشر العقيدة الوهابية ومد النفوذ السعودي، إلا انه اصطدم بمماليك العراق وعلى رأسهم سليمان باشا الكبير والي بغداد (1779-1802م)، مما وتّر علاقة آل سعود بالمماليك لدرجة كبيرة. وقد سادت الغزوات المتبادلة بين مماليك العراق وآل سعود أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر وحتى انهيار المماليك في 1831م. إلا إن الغزو الوهابي على العراق لم يلبث ان تضاءل بل وتوقف بفعل الغزو المصري للإمارة السعودية. وظلت العلاقات العراقية – السعودية تتأرجح بين تحسن وتدهور حتى احتل الانكليز العراق على مراحل وسقطت الدولة العثمانية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى.
ولما كان الانكليز قد عقدوا أشبه بالحماية من ابن سعود في سنة 1915م فكان من المؤمل إن يسود الهدوء بين العراق المحتل وإمارة آل سعود. وظلت الحال كذلك حتى تولى فيصل بن الحسين عرش العراق في آب 1921م فبدأت العلاقات تسوء بسبب العداء الذي يكنه آل سعود للعائلة الهاشمية في الحجاز عامة وللشريف حسين بن علي وأنجاله خاصة. وهكذا ابتدأت فترة أخرى من العنف بين البلدين شملت العقد الثالث من القرن الماضي. وقد تجسد في هذه الفترة الغزو والقسوة بأقسى صورهما، إلا إن هذه الفترة الدموية لم تلبث إن انتهت في نيسان 1931م بعقد معاهدة للصداقة وحسن الجوار بين العراق ونجد أنهت عهداً من الصراع والتأزم بين القطرين العربيين الجاريين.
ضمّ البحث بين دفتيه مدخلاً وخمسة فصول، تناولت في المدخل علاقة العراق العثماني بالحركة الوهابية وآل سعود منذ ظهور الحركة الوهابية في نجد وتبني آل سعود لها في قاعدتهم (الدرعية) حتى بدء الحرب العالمية الأولى.
وكيف وقف الوالي المملوكي سليمان باشا الكبير (1779- 1802م)، ضد هذه الحركة ورفضه دعوة عبد العزيز بن محمد بن سعود لنشر المبادئ الوهابية، التي تتستر خلفها الآمال العائلية الطموحة لآل سعود، في الأراضي العراقية وكيف كان الرفض وعوامل أخرى منطلقاً لقيام اعنف الهجمات الوهابية ضد العراق في عهد الوالي المذكور ومن أعقبه من ولاة. ومن أشهر واعنف الغزوات الوهابية غزوة كربلاء في آذار 1802م حين قتلوا الآلاف ونهبوا الأموال والثروات الطائلة التي كانت تزدان بها الحضرة الحسينية. وقد زادت هذه الغزوة الحقد شدة والتوتر حدة وظلت الحرب سجالاً بين آل سعود والمماليك حتى انتهى حكم المماليك في 1831 حين بدأت العلاقات تتحسن نوعاً ما ولكنها لم تلبث إن تأزمت حين قرر الوالي مدحت باشا 01869-1872م) استعادة الإحساء من آل سعود منتهزاً فرصة الصراع العائلي بين الأخوين عبد الله وسعود ولدى فيصل بن تركي ولكن الأمير السعودي الشاب عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل السعود لم يلبث إن استعادها لأهميتها الجغرافية والاقتصادية والبشرية وظلت كذلك حتى يومنا هذا. وما إن اشتعلت الحرب العالمية الأولى حتى وجد عبد، الشهير بابن سعود، نفسه مع الانكليز ضد الدولة العثمانية ومنفذى أوامرها في نجد آل رشيد أمراء حائل اعدائه الالداء وظل في صراع شديد معهم طوال سني الحرب.
وتناولت في الفصل الأول الصلات العراقية- النجدية بعد احتلال الانكليز للعراق بين 1914- 1918 وتوتر هذه الصلات بعد لجوء عشيرة شمر النجدية إلى الأراضي العراقية قبل وبعد سقوط حائل في تشرين الأول 1921م على يد ابن سعود عاهل نجد وترحيب العشائر العراقية في بادئ الأمر خاصة عنزة بشمر ومساعدتها او الاشتراك معها في الغزو على الاراضي والعشائر النجدية مما اوجب سخط الحكومة النجدية الشديد. وقد ازدادت الرعاية العراقية لشمر نجد بعد تولي فيصل عرش العراق مما عد تهديداً لسلطنة نجد وأمنها وأدى، تسنده عوامل أخرى، إلى هجوم الإخوان في آذار 1922 على العشائر العراقية الآمنة النازلة في بادية الشامية وتكبيدها خسائر جسيمة في الأرواح والأموال مما رفع حدة الصرع بين العراق ونجد ودفع الحكومة البريطانية إلى العمل الحثيث على تخفيف هذه الحدة ضماناً لمصالحها من ناحية وترسيخاً لنفوذها في الأراضي العراقية والنجدية من ناحية أخرى. فعقد مؤتمر المحمرة في حاضرة الشيخ خزعل خان في مايس 1922م. وقد أرسى هذا المؤتمر علاقات البلدين لأول مرة على أسس تعاهدية حين عقدت معاهدة المحمرة التي حددت تابعية العشائر للبلدين من ناحية وأوكلت تحديد الحدود بينهما إلى لجنة مختصة من ناحية أخرى ولكن ابن سعود تصديق هذه المعاهدة بحجة تجاوز مندوبه للصلاحيات المعطاة له من جهة وإنها سلبته حقوقاً موروثة من جهة أخرى دفع الحكومة البريطانية إلى عقد مؤتمر ثان بين البلدين فعقد المؤتمر في ميناء العقير او العجير على ساحل الخليج العربي في تشرين الثاني وكانون الأول من سنة 1922م حضره ابن سعود نفسه والسير برسي كوكس المعتمد السامي البريطاني على العراق بالإضافة إلى السيد صبيح نشأت وزير الإشغال والموصلات ممثلاً عن الحكومة العراقية، وقد نجح هذا المؤتمر بفضل حنكة كوكس السياسية في حمل ابن سعود على تصديق معاهدة المحمرة ونجح كذلك في تحديد خط للحدود بين العراق ونجد وهو الخط الحالي مما أبطل عمل اللجنة الأنفة الذكر. إلا إن نتائج العقير المثمرة لم تكن كافية البتة لحل مشالك البلدين بسبب استمرار الغزو بين عشائر الطرفين خاصة بين شمر والإخوان وكذلك ضغط ابن سعود الشديد على المدن الحجازية واحتلاله الفعلي لبعض هذه المدن ما استوجب عقد مؤتمر جديد لبحث الصلات الهاشمية- السعودية بشكل عام والعلاقات العراقية- السعودية بشكل خاص فكان مؤتمر الكويت الذي عقد في شتاء 1923- 1924م.
خصصت الفصل الثاني لبحث مؤتمر الكويت الذي هدفه رتق الفتق بين الدول الهاشمية الحجاز والعراق وشرق الأردن من جهة وحكمة نجد من الجهة الأخرى بشكل عام وبين العراق ونجد بشكل خاص. وكاد المؤتمر يصل إلى اتفاق أو بالأحرى مشروع اتفاق بين البلدين ولكن تصلب مندوبي نجد من ناحية وإصرار الحكومة العراقية وعلى رأسها الملك فيصل على إنقاذ حكومة الحجاز الهاشمية من مصيرها المحتم ومد يد العون لها من خلال المؤتمر من ناحية ثانية والمطالب المتطرفة والشاذة لحكومة شرق الأردن من ناحية ثالثة فضلاً عن إصرار حكومة نجد على إزالة حكومة الحجاز الهاشمية من الوجود من ناحية رابعة. كل هذه العوامل مهدت إلى فشل مؤتمر الكويت واستكمل المؤتمر أسباب فشله حين قام الإخوان النجديون بهجمة مباغتة وعنيفة على العشائر العراقية الآمنة في بادية الشامية فكبدوها خسائر فادحة في الأرواح والأموال. وكانت هذه الهجمة القشة التي قصمت ظهر المؤتمر فانهار.
تناولت في الفصل الثالث المعنون باسم مؤتمر بحرة صلات العراق بنجد بعد فشل مؤتمر الكويت. وكيف مهدد الظروف والإحداث لعقد مؤتمر بحرة في الاراضي الحجازية المحتلة من قبل قوات ابن سعود. ومن الجدير بالذكر إن هذا المؤتمر لم يعقد الا بعد ان تهيأت الظروف الملائمة لعقده، الحكومة الهاشمية في الحجاز على وشك السقوط. الحسين نفي بعد ان تنازل مكرهاً عن العرش لولده علي وهذا على وشك التنازل بفعل الضغط العسكري السعودي المسند أدبياً من قبل الانكليز. الإخوان يحتلون معظم الأراضي الحجازية ما عدا جدة وهي قاب قوسين من السقوط او ادنى. التازم يأخذ بتلاليب علاقات العراق بنجد بسبب الغزو المتبادل وإحداث الحجاز. ضغط فيصل على الحكومة البريطانية لتساعد مملكة الحجاز او تحول بين ابن سعود وبينها على الأقل لم يجد نفعاً بل العكس إذ أجدى الضغط البريطاني على فيصل كل النفع إذ حال بينه وبين التدخل لصالح الحكم الهاشمي في الحجاز. رغبة أهل الحجاز بخروج الإشراف بسبب شدة الضغط السعودي على مدينة جدة من ناحية ورغبة منهم في إنقاذ أنفسهم وأموالهم من الدمار المتوقع من ناحية اخرى. وبهذا عقد المؤتمر وسط آمال تتوقع له النجاح فثمر اتفاقية بحرة لسنة 1925م التي وضعت أسساً جديدة لحل الخلافات بين البلدين فطرأ تحسن نسبي على علاقات البلدين حتى مر معظم عام 1926م بسلام. ولكن جو العلاقات بين البلدين لم يلبث إن تلبد بالغيوم حين عمدت الحكومة العراقية إلى إنشاء بعض المخافر الثابتة في البادية وعلى رأسها مخفر بصية بهدف توفير الأمن لعشائر البادية ومنع العشائر العراقية من غزو العشائر النجدية، وصد العشائر النجدية من غزو العشائر العراقية في الوقت نفسه. إلا إن الحكومة النجدية اعتبرت إنشاء المخافر عملاً عدوانياً لها. ولم تجد تبريرات الحكومة العراقية وحسن نواياها إذناً صاغية في نجد فأصبحت الأوضاع بين البلدين تنبيء بخطر داهم وتجسد ذلك في غزوة الإخوان على مخفر بصية في تشرين الثاني 1927م حين قتلوا عمال وشرطة فرفعت هذه الغزوة درجة التوتر بين البلدين مما استلزم عقد مؤتمر جديد إلى توضيح المقاصد وإبراز حسن النوايا وتخفيف العداء ومناقشة المسائل المختلف عليها سابقاً والتي استجدت خاصة مشكلة المخافر.
بحثت في الفصل الرابع "مؤتمر جدة" الظروف والملابسات التي أحاطت بإنشاء مخفر بصية والدوافع الحقيقية التي حفزت الحكومة العراقية على بنائه ومن ثم الاستياء النجدي على المستويين الرسمي والعشائري والذي تجسد في الهجوم على المخفر كما سلفت الإشارة. وكيف دفع هذا الهجوم الحكومة البريطانية إلى الدعوة لعقد مؤتمر في جدة لحل مشكلة المخافر بشكل خاص والمشاكل الأخرى بين البلدين بشكل عام. وقد عقد هذا المؤتمر على مرحلتين الأولى في مايس 1928 والثانية في آب 1928 ولكن المرحلتين باءتا بالفشل بسبب اصرار ابن سعود على تهديم المخافر وتحريم بنائها من ناحية واصرار الوفد العراقي العراقي يسانده الوفد البريطاني على بقاء المخافر باعتبارها حق طبيعي من حقوق السيادة العراقية لا يناقض المعاهدات والاتفاقيات العراقية- النجدية النافذة نصاً او روحاً من ناحية اخرى. وقد شجع فشل مؤتمر جدة الاخوان النجديين على التمادى في الغزو والاعتداء على العشائر العراقية في عقر دارها. الا ان هذا الغزو لم يلبث ان توقف بسبب انشغال الاخوان في صراعهم مع عاهلهم ابن سعود اذ ان غرور قادة الاخوان خاصة فيصل الدرويش وابن حميد دفعهم الى التمرد على سلطانهم بسبب عدم تلبيه مطالبهم واشباعه طموحهم الشخصي بالامارة والتسلط. ولكن هذا التمرد باء بالفشل بسبب صمود ابن سعود وثباته وحسن تصرفه من جهة وتعاون السلطات العراقية والبريطانية معه من جهة اخرى. وقد اثمر التعاون العراقي – النجدي حين طوى صفحات الماضي المؤلم وفتح صفحات جديدة من الود والاخاء تجسدي في عقد مؤتمر لوبن بين العاهلين فيصل وابن سعود في اطلاله 1930م.
تناولت في الفصل الخامس والأخير مؤتمر لوبن مبتدءاً بالمؤتمر التمهيدي الذي عقد في الكويت في النصف الأول من شباط 1930 لاعداد ورقة عمل للمؤتمر الملكي. ولكن المؤتمر التمهيدي لم يوفق في حل اية مسألة من المسائل المع7روضة عليه عدا تحديد موعد المؤتمر الملكي. ولكن المؤتمر الملكي نجح في تحسين صلات البلدين والعاهلين اذ كان مؤتمراً حاسماً بالنسبة لعلاقات البلدين اذ ارسى هذه العلاقات على أسس الاخاء والتعاون ومهد لحل كافة المسائل المعلقة بين العراق ونجد وذلك حين زار نوري السعيد رئيس الوزارة العراقية مكة في نيسان 1931م ونجح في توقيع معاهدة الصداقة وحسن الجوار واتفاقية تسليم المجرمين وبروتوكول التحكيم. وبذا رست علاقات البلدين على أسس تعاهدية رصينة فضلاً عن زوال جو الوجوم والريبة الذي يغلف هذه العلاقات فظلت هذه العلاقات تسير نحو التحسن باستمرار.
يمكن تقسيم مصادر البحث الى ما يلي:
1- الوثائق العراقية الرسمية غير المنشورة.
2- الوثائق العراقية المنشورة.
3- الوثائق النجدية المنشورة.
4- الوثائق البريطانية المنشورة.
5- الجرائد العراقية والعربية.
6- الكتب العربية.
7- الكتب الأجنبية.
يعتمد البحث بالدرجة الأولى على الوثائق العراقية غير المنشورة والمتوفرة في المركز الوطني لحفظ الوثائق في بغداد اذ يحتوى هذا المركز على الاف الملفات التي تضم المراسلات السرية بين دوائر الدولة الرسمية خاصة بين الديوان الملكي ودار الاعتماد البريطانية وسكرتارية مجلس الوزراء والوزارات العراقية المختصة خاصة الخارجية والداخلية والدفاع علماً بان هذه الثروة الوثائقية العظيمة كانت مهملة في احد مخازن البلاط الملكي في الاعظمية. وهذه المراسلات في غاية الأهمية خاصة فيما يتعلق بموضوع البحث اذ قلما تمر شاردة أو واردة دون احاطة البلاط الملكي علما بها. وقد استفدت اكبر فائدة من هذه الوثائق وبشكل خاص من مجموعة ملفات وزارة الخارجية العراقية اذ احتوت على تطورات العلاقات مع نجد وصراع العشائر العراقية مع الاخوان في البادية المترامية الاطراف. اما المجموعة الوثائقية الاخرى التي وفقت في الاطلاع عليها فهي ملفات مخازن وزارة الداخلية المكدسة تحت طبقات من الاتربة منذ عشرات السنين بلا ترتيب أو تنظيم او اعتناء مع اهميتها بل وخطورتها وقيمتها الوثائقية الكبيرة. والحال الذي عليه هذه الملفات التي لا تحصى يثير الالم والحزن في آن واحد فهي معرضة للتمزيق والاهمال مع انها تحتوى على جزء مهم من تاريخ العراق المعاصر منذ تشكيل حكومته "الوطنية" الاولى في اواخر 1920 حتى ما بعد ثورة 14 تموز 1958م. احتوت الملفات المتعلقة بالبحث مراسلات مهمة جداُ بين العراق ونجد وبريطانيا وعلى مراسلات وزارة الداخلية مع متصرفياتها واقضيتها ونواحيها ومراكزها الثابتة والمتنقلة والتي كانت تنقل للوزارة وباستمرار آخر اخبار البادية وتحركات الاخوان والعشائر العراقية.
اما الوثائق العراقية المنشورة فتتركز بالدرجة الاولى على مجموعة قرارات مجلس الوزراء العراقي للفترة بين 1920-1928م والتي كانت تطبع بمجاميع لكل ثلاثة اشهر أو اكر لاستعمال الحكومة العراقية الخاص فقط. وقد احتوت هذه المجاميع على دور مجلس الوزراء العراقي في معالجة كثير من مشاكل العراق مع نجد سواء ما كان منها ظاهراً او خفيا. ومن الوثائق العراقية المنشورة ايضا مجموعة المعاهدات والاتفاقيات المعقودة بين العراق ونجد والكتب المتبادلة بشانها وكذلك محاضر مجلسي اللاعيان والنواب العراقيين للفترة بين 1925- 1931م.
اما الوثائق النجدية فاقصد بها على وجه التحديد الكتاب الذي اصدرته حكومة سلطنة نجد باسم الكتاب الاخضر النجدي عن مؤتمر الكويت والذي أوردت فيه مجموعة من الوثائق الرسمية النجدية والعراقية البريطانية وحاولت من خلاله تبرئة موقفها ازاء فشل مؤتمر الكويت الذي عقد في شتاء 1923- 1924م. وقد تميز هذا الكتاب بالتنظيم فضلاً عن اورد بعض الوثائق العراقية والبريطانية التي احرجت موقف الحكومتين وجعلتهما في حيرة من الطريقة التي تمكنت فيها حكومة نجد من الحصول على الوثائق التي نشرتها طي كتابها الانف الذكر.
وتتركز الوثائق البريطانية المنشورة على التقارير التي كانت ترفعها حكومة الانتداب البريطاني على العراق الى عصبة الامم للفترة بين 1920- 1932م، والمشهورة بـ:
(British Colonial Office, Report on Iraq Administration)
وقد جسدت هذه التقارير اراء الحكومة البريطانية في الصلات بين العراق ونجد ولكن هذه التقارير تنقصها الصراحة لأنها معرضة لمناقشة الانتدابات التابعة للعصبة من ناحية ومعرضة للنشر والاطلاع عليها من أخرى مما جعلها تذكر ما يعزز موقفها كدولة منتدبة وتتحاشى ذكر ما يجرح هذا الموقف ويعرضه للنقد. الا ان هذا لم يحل بين الصحافة الوطنية العراقية وبين نقد هذه التقارير.
اما الجرائد فقد احتوت على معلومات طيبة عن تطور العلاقات بين البلدين عبر بيانات الحكومتين الرسمية عن الإحداث التي تقع بينهما وتتبع هذه الجرائد للإحداث التي تحدث وما ينجم عنها من نتائج وخسائر سواء في الأرواح او الأموال. ولا شك لافتتاحيات هذه الصحف اثر كبير في معرفة اتجاهات الرأي العام خاصة وان من بين هذه الصحف ما يعبر عن الانكليز المنتدبين مثل:
Iraq Times – Baghdah Times
والعراق ومنها ما يمثل الحركة الوطنية في العراق كالاستقلال، الرافدان، صدى الاستقلال التي تعود ملكيتها الى الصحفي الوطني المعروف عبد الغفور البدري وكذلك من هذه الصحف ما كان ينطق بلسان حال الأحزاب العراقية مثل صحيفة النهضة لسان حال حزب النهضة وصحيفة نداء الشعب لسان حال حزب الشعب وصحيفة التقدم لسان حال حزب التقدم، إما الصحف العربية فاهمها صحيفة أم القرى لسان حال حكومة نجد وهناك صحف عربية أخرى مصرية كالبلاغ والسياسة والمقطم وسورية مثل صحيفة الأحرار، وهذه الصحف كانت تمثل بصورة او بأخرى بعض اتجاهات الراى العام في هذه الاقطار عن الاحداث التي كانت تهم العراق ونجد.
اما الكتب العربية فقد استفدت من الكثير منها خاصة عند دراستي للحركة الوهابية وصلاتها مع العراق العثماني ومن اهم الكتب تاريخ نجد لحسين ابن غنام، وعنوان المجد في اخبار نجد لابن بشر الذي ينقل كثيراً عن ابن غنام، وخمسة وخمسون عاماً من تاريخ العراق للحلواني المدني، ودوحة الزوراء في تاريخ وقائع بغداد الزوراء لرسول الكركوكلي، وتاريخ نجد لسنت جون فلبي، واربعة قرون من تاريخ العرق لستيفن لونكريك، وغيرها من الكتب التي عرضت تطورات الحركة الوهابية وتعاونها مع آل سعود وانتصارات هذه الحركة وكبواتها. اما الكتب التي افادتني في دراسة فترة البحث فهي بالدرجة الاولى مؤلفات الاستاذ عبد الرزاق الحسني التي ضمت بين دفتيها ثروة وثائقية قيمة خاصة كتبه تاريخ الوزارات العراقية، تاريخ العراق السياسي الحديث، العراق في دورى الاحتلال والانتداب، وكذلك كتاب المس بل فصول من تاريخ العراق القريب وكتاب ايرلاند العراق دراسة في تطوره السياسي، ومذكرات كل من الملك عبد الله وتوفيق السويدي وعلي جودت الأيوبي وعبد العزيز القصاب. وكتب أمين الريحاني: ملوك العرب، تاريخ نجد وملحقاته، فيصل الأول، وغيرها من الكتب العربي.
إما الكتب الأجنبية التي أفادتني في البحث فهي كثيرة ولكن اخص بالذكر منها رسائل المس بل السكرتيرة الشرقية لدار الاعتماد البريطانية في بغداد التي نشرتها في سنة 1927م بجزئين باسم:
Lady Florence Bell The Letters or Gertrude Bell
ولكن هذه الرسائل رغم أهميتها وما احتوته من معلومات قيمة منها الكثير بسبب الظروف ووجود الحكم الملكي في العراق. ولكن اندثار هذا الحكم في 1948م شجع Elizabeth Burgoyne على نشر مجموعة الرسائل التي لم تنشر كاملة في طبعة 1927م والتي لم تنشر مطلقاً في تلك الطبعة وذلك في سنة 1961م تحت عنوان:
Gertrude Bell From Her Personal Papers
ومن الكتب الأخرى الجيدة كتاب Harry St. J. B. Philby صديق ابن سعود المقرب الموسوم Arabia الذي ضمنه الكثير من الإحداث المهمة متحدثاً عنها حديث المطلع. ومن هذه الكتب مؤلفات Harold R. Dickson الذي ارتقى مناصب مهمة في العراق والكويت والبحرين واهم مؤلفاته في مجال البحث هي:
Notes on The House of Lon Saud
Kuwait and her Neighbours
وكذلك كتاب أمين الريحاني وهو من أصدقاء ابن سعود:
Ibn Saud, His People and His Land
وكتاب حافظ وهبة مستشار ابن سعود Arabian Days، واخيراً أقول بان البحث ما هو إلا دراسة للعلاقات السياسية بين العراق ونجد التي اقل ما توصف به بأنها من أسوا أنواع العلاقات التي قامت بين بلدين وشعبين يجمعهما تاريخ واحد ولغة واحدة إذ كانت هذه العلاقات مثالاً للعنف والقسوة مما جعل دراستها ت أهمية للاستفادة من إحداث الماضي في بناء مستقبل أكثراشراقاً صفاءاً.
د. صادق حسن السوداني
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، كلية الآداب- جامعة بغداد
قائمة المحتويات
المقدمة، المدخل: علاقات العراق العثماني بإمارة آل سعود منذ عهد المماليك حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.
أصل العقيدة الوهابية، الغزوات الوهابية على العراق، بداية الصدام بين السلطات العثمانية في العراق والحركة الوهابية، الحملة العثمانية على الإحساء، حملة عثمانية كبيرة ضد الوهابيين، مشكلة الخزاعل، الهجوم الوهابي على كربلاء، غزوات وهابية جديدة على العراق.
العلاقات بين السلطات العثمانية في العراق وآل سعود بعد انهيار حكم المماليك: انهيار آل سعود، ظهور آل الرشيد، ظهور عبد العزيز السعود وبناء الدولة السعودية الجديدة.
الفصل الأول: علاقات العراق بأمارة آل سعود بعد الحرب العالمية الأولى، مؤتمرا المحمرة والعقير 1922م، ترشيح فيصل لعرش العراق وموقف عبد العزيز من استمرار الصراع بين آل سعود وآل رشيد وعلاقته بالعراق، شمر في العراق، اعتداءات الإخوان على العراق وعدوان آذار 1922م، نتائج عدوان آذار 1922م، مؤتمر المحمرة، فكرة تحديد الحدود بين العراق ونجد، الحدود المؤقتة المقترحة، انعقاد مؤتمر المحمرة، آراء حول بعض مواد المعاهدة، الجفاء يسود علاقات البلدين ثانية، إحداث الحجاز، رفض ابن سعود لمعاهدة المحمرة، آراء حول رفض المعاهدة، مؤتمر العقير، محتويات مؤتمر بروتوكول العقير الأول، محتويات مؤتمر بروتوكول العقير الثاني.
الفصل الثاني: مؤتمر الكويت 1923- 1924م، العلاقات العراقية- النجدية قبل عقد مؤتمر الكويت، استمرار الغزو، حكومة نجد تجبي الضرائب من العشائر العراقية، استمرار الصراع الهاشمي السعودي، حكومة نجد تعتدي على السيادة العراقية بحجة ملاحقة مثيري الفتن كيوسف السعدون، المراسلات بين فيصل وابن سعود، عشائر شمر واثرها في تدهور العلاقات العراقية- النجدية، مقدمات لعقد المؤتمر، دعوة نجد للمؤتمر، دعوة العراق للمؤتمر، المؤتمر بين تاجيله وعقده في موعده، ممثل العراق وتعليمات حكومته اليه، حكومة الحجاز ترفض حضور المؤتمر، مفاوضات مؤتمر الكويت، الجولة الثانية من مفاوضات مؤتمر الكويت، المراسلات اثناء فترة التاجيل، غزوة الاخوان على العراق في 14 آذار 1924م، اسباب فشل المؤتمر، النقاط المتفق عليها في المؤتمر، النقاط المختلف عليها في المؤتمر، الكتاب الاخضر النجدي، موقف العراق من الكتاب الاخضر النجدي، محتويات الرد العراقي.
لفصل الثالث: مؤتمر بحرة 1925، نظرة على العلاقات العراقية- النجدية قبل عقد مؤتمر بحرة، مقدمات لعقد مؤتمر بحرةن اسباب عقد المؤتمر، الحكومة البريطانية تقترح على الحكومة العراقية عقد المؤتمر، مكان عقد المؤتمر، كلايتن وتوفيق السويدي في جدة وبحرة، العوامل التي ادت الى سرعة الاتفاق بين العراق ونجد، نتائج مؤتمر بحرةن محتويات اتفاقية بحرة، اتفاقية بحرة في البرلمان العراقي، الاتفاقية في مجلس النواب، الاتفاقية في مجلس الاعيان، اجراءات لتعزيز اتفاقية بحرة، محكمة المنهوبات والتعويض او محكمة بحرة، المخافر، المراسلات المباشرة بين امير حائل والمتصرفين العراقيين، اجراءات عراقية لمنع الغزو على نجد، اجراءات الحكومة النجدية لمنع الغزو على العراق، اعتراف العراق الفعلي بضم ابن سعود للحجاز، مخالفات اتفاقية بحرة، وكلاء نجد يجبون الضرائب داخل العراق، حكومة نجد تقبل لجوء الظفير اليها، مسألة الدهامشة ومحمد التركي المجلاد، لجوء فرحان بن مشهور للعراق.
الفصل الرابع: مؤتمر جدة 1928م، الهجوم على مخفر بصية العراقي، العلاقة بين هجوم الاخوان على مخفر بصية والمفاوضات العراقية- البريطانية بشأن معاهدة 1927م، الخطط العراقية لمواجهة الاخوان، مقدمات مؤتمر جدة، مفاوضات جدة، مسألة المخافر، تسليم المجرمين، معاهدة حسن الجوار، العشائر المتنازع عليها، المنهوبات والخسائر، تأجيل المؤتمر، مؤتمر جدة في دورته الثانية آب 1928م، اجتماعات توفيق السويدي بابن سعود، اقتراح التحكيم، تمرد الإخوان، تمرد الإخوان الثاني.
الفصل الخامس: مؤتمر لوبن 1920م، فيصل يدعو ابن سعود للاجتماع به، مؤتمر الكويت التمهيدي، مباحثات مؤتمر الكويت التمهيدي، المخافر، حسن الجوار، تسليم المجرمين، مسألة فرحان بن مشهور، مؤتمر لوبن، المخافر، التعويض عن الغزو، تسليم المجرمين، حسن الجوار، بروتوكول التحكيم، فرحان بن مشهور، نتائج مؤتمر لوبن، وفد نجدي يزور بغداد لاستكمال مفاوضات لوبن، مفاوضات مكة المكرمة، معاهدة الصداقة وحسن الجوار، بروتوكول التحكيم، اتفاقية تسليم المجرمين، المخافر، معاهدة حسن الجوار واتفاقية تسليم المجرمين في البرلمان العراقي، ملاحظات على مناقشات مجلس النواب لمعاهدة حسن الجوار، ملاحظات على مناقشات مجلس النواب لاتفاقية تسليم المجرمين، ملاحظات على مناقشات مجلس الأعيان للمعاهدة والاتفاقية./ الخاتمة، الملاحق، مصادر البحث، خريطة منطقة الحدود العراقية- السعودية.
الخاتمة
بعد قراءة صفحات هذه البحث يمكن استخلاص ما يلي:
1- إن موضوع البحث وفترته تستحق البحث لما فيها من إحداث مؤثرة في مسيرة العلاقات العراقية- السعودية، ولأهمية هذه الإحداث في رسم الخط البياني لهذه العلاقات التي كان التذبذب ديدنها وشعارها.
2- تعتبر فترة الكتاب من أشداء الفترات ظلاماً في تاريخ العلاقات العراقية- السعودية رغم إن هذا الظلام لم يكن وليد هذه الفترة بل هو استمرار للتوتر الذي ساد هذه العلاقات منذ عهد المماليك في أواخر القرن الثامن عشر.
3- كان موقف العراق العثماني من آل سعود موقفاً طبيعياً يتماشى مع سياسية الدولة العثمانية من ناحية ومع الرغبة في كبح جماح آل سعود وتطلعاتهم المريبة ازاء العراق أرضاً وعشائراً من ناحية ثانية فضلاً عن ان هذا الموقف كان يلقى التأييد والمساندة من معظم العراقيين على اختلاف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم من ناحية ثالثة.
4- إن الملاحظة السابقة لا تمنع من القول بأن الحركة الوهابية يساندها آل سعود كانت حركة عربية صرفة هدفها الرئيس التخلص من السيطرة العثمانية أولا وإنشاء دولة إسلامية تدين بالمبادئ الوهابية والطاعة السعودية ثانياً. ولكن الأسلوب الذي درج عليه آل سعود في الوصول إلى هذا الهدف لم يكن يلقى التأييد من العراقيين ومن غيرهم بل لقي كل استياء وحذر بسبب اعتماد آل سعود السيف والعنف بالدرجة الأولى.
5- لم يكن الصراع بين العراق ونجد، خاصة بعد تولي ف يصل عرش العراق صراعاً سياسياً فقط، بل صار صراعاً عائلياً بين العائلتين الهاشمية والسعودية خاصة وان فيصل ملك العراق أحد أركان العائلة الهاشمية التي تكن العداء لآل سعود الذين لم يكونوا في الوقت نفسه يضمرون لهذه العائلة غير الحقد والارتياب، وهكذا فرض الصراع العائلي نفسه على مسار علاقات البلدين فزادها لهيباً واشتعالا.
6- شهدت فترة البحث العديد من المؤتمرات بين العراق ونجد كانت الحكومة البريطانية في الغالب هي الداعية لها حفاظاً على مصالحها من جهة وتعزيز هذه المصالح من جهة ثانية والحيلولة دون اتصالات نجدية- عراقية مباشرة بلا وساطة من جهة ثالثة. وهذا هو الذي دفعها إلى الدعوة لأغلب المؤتمرات بل وترؤس هذه المؤتمرات وإدارتها ولم يكن أمام العراق ونجد على الاغلب الا الرضوخ. مؤتمر المحمرة دعت له بريطانيا وترأسه الميجر برنارد. هـ. بوردلن سكرتير السير برسي كوكس المعتمد السامي للعراق. مؤتمر العقير دعت له بريطانيا وترأسه السير برسي كوكس بنفسه. مؤتمر الكويت دعت له بريطانيا وترأسه الكولونيل نوكس رئيس مقيمي بريطانيا في الخليج العربي. مؤتمر بحرة دعت له بريطانيا وترأسه السير كلبرت كلايتن سكرتير عام حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين. مؤتمر جدة دعت له بريطانيا وترأسه كلايتن. مؤتمر لوبن دعت له الحكومة العراقية باسناد بريطاني وترأسه السير فرنسيس همفريز المعتمد السامي البريطاني على العراق.
7- اتضحت خلال فترة البحث مطامع الاخوان بالعراق أرضاً وعشاراً وليس أدل على ذلك من مطالبة قادة الاخوان خاصة فيصل الدويش للعشائر العراقية بالبقاء خلف سكة حديد بغداد- البصرة المتري ان كانوا يرغبون بالمحافظة على ارواحهم وأموالهم وكذلك مطالبة ابن سعود في مؤتمر العقير بأن نهر الفرات هو الفاصل الطبيعي بين نجد والعراق وهذا مما جعل العراق ملكاً وحكومة وشعباً اكثر شكاً بتصرفات حكومة نجد وتحركات جيشها العشائري (الاخوان) مما زاد علاقات البلدين المتأزمة تأزماً وحدة.
8- يلاحظ بأسف بان أعنف الغزوات النجدية على العراق وأشدها فتكاً واثراً حدثت والعراق في احرج وادق مواقفه السياسية، فنلاحظ بان هجومي آذار 1922 وتشرين الثاني1927 حدثا والعلاقات العراقية – البريطانية تمر في اشد ازماتها بسبب اصرار الانكليز على عقد معاهدات تكبيلية مع7 العراق لا تختلف عن نظام الانتداب وبوده المقيتة. وقد اثارتوقيت هذه الاعتداءات ريب وشكوك العراقيين فاتهموا الانكليز بانهم وراء هذا التوقيت لاكراه العراق على توقيع ما لا يرغب بتوقيعه. بل ان الاتهام تعدى حدوده الى ان ابن سعود نفسه رغم كل القرائن لا تؤسد الاتهام ولكن هذه الاعتداءات اثارت غمامة من الشك حول علاقة فيصل الدويش قائد الاخوان الشهير بهذا التوقيت بهذا التوقيت المريب.
9- يلاحظ بان ابن سعود كان يحذر ويتحاشى قدر الامكان فتح باب الصدام المسلح مع الانكليز أو مع الاقطار التي يفرضون عليها حمايتهم او انتدابهم خشية انتقامهم أولا ورغبة منه في التعاون معهم لما فيهصالح تطلعاته ومطامحه ثانيا. لكن هذا الحذر لم يمنع الاخوان من مهماجمة الاراضي العراقية متجاهلين عمداً حذر سلطانهم متحدين سلطته في بعض الاحيان مما كان يدفع ابن سعود الى التنصل من اعتداءاتهم أحيانا والاعتذار عنها أحيانا اخرى ولكن تمادي الاخوان وغرورهم جرَّ عليهم النكبات حتى انتهى تحديهم، والذي تجسد بأعنف صوره في تمردهم الفاشل في 1929- 1930، بحل جماعة الاخوان رغم خدماتها الكبيرة لابن سعود حيث كانت سلاحه في التوسع ومد النفوذ.
10- تبين من خلال البحث نجاح سياسة ابن سعود المسندة من قبل الحكومة البريطانية والرامية الى تفتيت وحدة العائلة الهاشمية وتيجانها في العراق والحجاز وشرق الاردن وذلك بالتهام نجد للحجاز من ناحية وتحييد العراق وشرق الاردن ومكرهين ازاء احداث الحجاز من ناحية ثانية.
11- ان العامل الرئيس في التقارب والتحسن الذي طرأ على علاقات العراق بنجد في اطلالة 1930 يمكن رده الى ما يلي:-
أ- تمرد الاخوان ضد ابن سعود وتخلص العشائر العراقية من غزواتهم واعتداءاتهم خلال التمرد لانشغالهم بمحاربة سلطانهم مما أضفى جواً من الهدوء بين العشائر الطرفين.
ب- تعاون الحكومة العراقية وسلطاتها في البادية مع ابن سعود وتقديمها للمساعدات المادية والمعنوية له ولقواته أثناء مطاردتها للمتمردين مما كان احسن الاثر في تلطيف جو علاقات البلدين.
ت- دعوة فيصل لابن سعود للاجتماع به لتحسين الصلات بين العراق ونجد خاصة بعد اندحار الاخوان من ناحية وزوال عامل مكدر رئيس بين البلدين ألا وهو العرش الهاشمي في الحجاز، فقبل ابن سعود الدعوة التي انتهت بتحسن علاقات البلدين والعاهلين ووضع هذه العلاقات على اسس رصينة من الود والاخاء والتعاون
بعد قراءة صفحات هذه البحث يمكن استخلاص ما يلي:
1- إن موضوع البحث وفترته تستحق البحث لما فيها من إحداث مؤثرة في مسيرة العلاقات العراقية- السعودية، ولأهمية هذه الإحداث في رسم الخط البياني لهذه العلاقات التي كان التذبذب ديدنها وشعارها.
2- تعتبر فترة الكتاب من أشداء الفترات ظلاماً في تاريخ العلاقات العراقية- السعودية رغم إن هذا الظلام لم يكن وليد هذه الفترة بل هو استمرار للتوتر الذي ساد هذه العلاقات منذ عهد المماليك في أواخر القرن الثامن عشر.
3- كان موقف العراق العثماني من آل سعود موقفاً طبيعياً يتماشى مع سياسية الدولة العثمانية من ناحية ومع الرغبة في كبح جماح آل سعود وتطلعاتهم المريبة ازاء العراق أرضاً وعشائراً من ناحية ثانية فضلاً عن ان هذا الموقف كان يلقى التأييد والمساندة من معظم العراقيين على اختلاف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم من ناحية ثالثة.
4- إن الملاحظة السابقة لا تمنع من القول بأن الحركة الوهابية يساندها آل سعود كانت حركة عربية صرفة هدفها الرئيس التخلص من السيطرة العثمانية أولا وإنشاء دولة إسلامية تدين بالمبادئ الوهابية والطاعة السعودية ثانياً. ولكن الأسلوب الذي درج عليه آل سعود في الوصول إلى هذا الهدف لم يكن يلقى التأييد من العراقيين ومن غيرهم بل لقي كل استياء وحذر بسبب اعتماد آل سعود السيف والعنف بالدرجة الأولى.
5- لم يكن الصراع بين العراق ونجد، خاصة بعد تولي ف يصل عرش العراق صراعاً سياسياً فقط، بل صار صراعاً عائلياً بين العائلتين الهاشمية والسعودية خاصة وان فيصل ملك العراق أحد أركان العائلة الهاشمية التي تكن العداء لآل سعود الذين لم يكونوا في الوقت نفسه يضمرون لهذه العائلة غير الحقد والارتياب، وهكذا فرض الصراع العائلي نفسه على مسار علاقات البلدين فزادها لهيباً واشتعالا.
6- شهدت فترة البحث العديد من المؤتمرات بين العراق ونجد كانت الحكومة البريطانية في الغالب هي الداعية لها حفاظاً على مصالحها من جهة وتعزيز هذه المصالح من جهة ثانية والحيلولة دون اتصالات نجدية- عراقية مباشرة بلا وساطة من جهة ثالثة. وهذا هو الذي دفعها إلى الدعوة لأغلب المؤتمرات بل وترؤس هذه المؤتمرات وإدارتها ولم يكن أمام العراق ونجد على الاغلب الا الرضوخ. مؤتمر المحمرة دعت له بريطانيا وترأسه الميجر برنارد. هـ. بوردلن سكرتير السير برسي كوكس المعتمد السامي للعراق. مؤتمر العقير دعت له بريطانيا وترأسه السير برسي كوكس بنفسه. مؤتمر الكويت دعت له بريطانيا وترأسه الكولونيل نوكس رئيس مقيمي بريطانيا في الخليج العربي. مؤتمر بحرة دعت له بريطانيا وترأسه السير كلبرت كلايتن سكرتير عام حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين. مؤتمر جدة دعت له بريطانيا وترأسه كلايتن. مؤتمر لوبن دعت له الحكومة العراقية باسناد بريطاني وترأسه السير فرنسيس همفريز المعتمد السامي البريطاني على العراق.
7- اتضحت خلال فترة البحث مطامع الاخوان بالعراق أرضاً وعشاراً وليس أدل على ذلك من مطالبة قادة الاخوان خاصة فيصل الدويش للعشائر العراقية بالبقاء خلف سكة حديد بغداد- البصرة المتري ان كانوا يرغبون بالمحافظة على ارواحهم وأموالهم وكذلك مطالبة ابن سعود في مؤتمر العقير بأن نهر الفرات هو الفاصل الطبيعي بين نجد والعراق وهذا مما جعل العراق ملكاً وحكومة وشعباً اكثر شكاً بتصرفات حكومة نجد وتحركات جيشها العشائري (الاخوان) مما زاد علاقات البلدين المتأزمة تأزماً وحدة.
8- يلاحظ بأسف بان أعنف الغزوات النجدية على العراق وأشدها فتكاً واثراً حدثت والعراق في احرج وادق مواقفه السياسية، فنلاحظ بان هجومي آذار 1922 وتشرين الثاني1927 حدثا والعلاقات العراقية – البريطانية تمر في اشد ازماتها بسبب اصرار الانكليز على عقد معاهدات تكبيلية مع7 العراق لا تختلف عن نظام الانتداب وبوده المقيتة. وقد اثارتوقيت هذه الاعتداءات ريب وشكوك العراقيين فاتهموا الانكليز بانهم وراء هذا التوقيت لاكراه العراق على توقيع ما لا يرغب بتوقيعه. بل ان الاتهام تعدى حدوده الى ان ابن سعود نفسه رغم كل القرائن لا تؤسد الاتهام ولكن هذه الاعتداءات اثارت غمامة من الشك حول علاقة فيصل الدويش قائد الاخوان الشهير بهذا التوقيت بهذا التوقيت المريب.
9- يلاحظ بان ابن سعود كان يحذر ويتحاشى قدر الامكان فتح باب الصدام المسلح مع الانكليز أو مع الاقطار التي يفرضون عليها حمايتهم او انتدابهم خشية انتقامهم أولا ورغبة منه في التعاون معهم لما فيهصالح تطلعاته ومطامحه ثانيا. لكن هذا الحذر لم يمنع الاخوان من مهماجمة الاراضي العراقية متجاهلين عمداً حذر سلطانهم متحدين سلطته في بعض الاحيان مما كان يدفع ابن سعود الى التنصل من اعتداءاتهم أحيانا والاعتذار عنها أحيانا اخرى ولكن تمادي الاخوان وغرورهم جرَّ عليهم النكبات حتى انتهى تحديهم، والذي تجسد بأعنف صوره في تمردهم الفاشل في 1929- 1930، بحل جماعة الاخوان رغم خدماتها الكبيرة لابن سعود حيث كانت سلاحه في التوسع ومد النفوذ.
10- تبين من خلال البحث نجاح سياسة ابن سعود المسندة من قبل الحكومة البريطانية والرامية الى تفتيت وحدة العائلة الهاشمية وتيجانها في العراق والحجاز وشرق الاردن وذلك بالتهام نجد للحجاز من ناحية وتحييد العراق وشرق الاردن ومكرهين ازاء احداث الحجاز من ناحية ثانية.
11- ان العامل الرئيس في التقارب والتحسن الذي طرأ على علاقات العراق بنجد في اطلالة 1930 يمكن رده الى ما يلي:-
أ- تمرد الاخوان ضد ابن سعود وتخلص العشائر العراقية من غزواتهم واعتداءاتهم خلال التمرد لانشغالهم بمحاربة سلطانهم مما أضفى جواً من الهدوء بين العشائر الطرفين.
ب- تعاون الحكومة العراقية وسلطاتها في البادية مع ابن سعود وتقديمها للمساعدات المادية والمعنوية له ولقواته أثناء مطاردتها للمتمردين مما كان احسن الاثر في تلطيف جو علاقات البلدين.
ت- دعوة فيصل لابن سعود للاجتماع به لتحسين الصلات بين العراق ونجد خاصة بعد اندحار الاخوان من ناحية وزوال عامل مكدر رئيس بين البلدين ألا وهو العرش الهاشمي في الحجاز، فقبل ابن سعود الدعوة التي انتهت بتحسن علاقات البلدين والعاهلين ووضع هذه العلاقات على اسس رصينة من الود والاخاء والتعاون
تخريج وتوثيق الكتاب
- د. صادق حسن السوداني، العلاقات العراقية- السعودية 1920- 1931م.. دراسة في العلاقات السياسية، مطبعة دار الجاحظ، بغداد، 1976م.
- ساعدت جامعة بغداد على نشره تسلسل التعضيد 119 لسنة 1974- 1975م.
- د. صادق حسن السوداني، العلاقات العراقية- السعودية 1920- 1931م.. دراسة في العلاقات السياسية، مطبعة دار الجاحظ، بغداد، 1976م.
- ساعدت جامعة بغداد على نشره تسلسل التعضيد 119 لسنة 1974- 1975م.
العرض الالكتروني والاعلام والتبادل العلمي: ببليوغرافيا إراكي
TEL: 964 - 07901780841
P.O BOX 195
BAGHDAD IRAQ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق