المقدمة
لما أضرم القدر نار الحرب العالمية الأولى في منتصف عام 1914م، واضطرت الإمبراطورية العثمانية للدخول فيها إلى جانب الألمان، هبّت الأقطار العربية، التي جزءاً من هذه الإمبراطورية، للذود عن حياض الإمبراطورية، والقتال في صفوف وحداتها العسكرية، ولكن سلوك القادة الترك المتشبّعين بالروح الطورانية مع العرب، الذين تبرعوا بدمائهم لنصرتهم؛ باعد بينهم وبين هؤلاء المتبرعين، ومازال هذا التباعد يتطوّر من سيء إلى أسوأ حتى أدى إلى الانتفاض عليهم. وكان إخراج الحامية التركية من النجف في (10رجب 1333هجرية – 1915م) إحدى نتائج هذا الانتفاض.
وقد حكم النجفيون أنفسهم بأنفسهم منذ هذا الحادث المذكور، وحاولوا ألا يفسحوا المجال لأي أجنبي إلى التدخل في أمورهم، كما اتفق لهم مع الترك المنسحبين. فلما احتل الانكليز بغداد في (11آذار 1917م)، تركوا النجف وملحقاتها فلو يدنوا منها، ولم يسيروا جنداً لاحتلالها، ولم يتدخلوا في أمر من أمورها حتى إذا رسخت أقدام احتلالهم، مدّوا شباكهم في النجف فاتصلوا بشيوخها، وصاروا يوجهون الدعوات إلى رؤسائها لزيارة بغداد، فيجزلون لهم العطاء، ويهدونهم الهدايا الثمينة، ويمنوهم الأماني المعسولة، متدرجين بذلك إلى بسط نفوذهم، وإدخالهم في حظيرة طاعتهم وما لبثوا أن أرسلوا الكابتن مارشال في مفتتح عام 1918 ليقيم حاكماً بين ظهرانيهم غير أن النجفيين فاجأوا المحتلين بقتل ((كابتنهم)) في التاسع عشر من آذار من هذه السنة، لإشعارهم بأن النجف لا تحتمل الاحتلال الأجنبي، ولا ترضخ لحكم المستعمر.
ولقد ظهرت كتابات متفرقة، ونشرت أوصاف مختلفة لحادث مقتل الكابتن مارشال، وما أعقبه من ثورة عاتية، وتدابير عسكرية قاسية، كان أهمها وأخطرها ما كتبه العلامة الغفور له الشيخ محمد رضا الشبيبي من يوميات دقيقة، وذكريات مفيدة، فان هذه الكتابة تكاد تكون رسالة قائمة بنفسها عن هذه الثورة الجبارة، لما تضمنته من أخبار يومية، ومراسلات رسمية، ومعلومات غزيرة لا طعن لطاعن فيها، ولاسيما وقد دونت الحوادث في حينها يوماً بيوم.
وكنا نشرنا قبل بضع سنوات مقالاً عن ((ثورة النجف)) في الجزء السابع من المجلد الثالث من مجلة الأقلام التي لا تزال تصدرها ((وزارة الإعلام)) في بغداد ورأينا أن نعيد نشره في هذه الرسالة بعد أن عثرنا على مستندات جديدة ومعلومات تليدة آملين أن تكون قد خدمنا الحقيقة والتاريخ خدمة منزّهة عن كل غرض وبعيدة عن كل تعالٍ وشموخ ومفاخرة، والله من وراء القصد.
السيد عبد الرزاق الحسني
الكرادة الشرقية
غرة المحرم 1392هجرية
تفصيل محتويات الكتاب
إيضاح من ((مطبعة العرفان)) بصيدا، المقدمة، ثورة النجف، توطئة، وأول الغيث القطر، حاميات في الفرات، تدابير وقائية، خروج الحاج عطية، جمعية النهضة الإسلامية، الحركة الانتحارية، أبله أم إبهام، موقف الحكومة البريطانية، وأول الغيث قطر، ما تقوله الحكومة، المراسلات الرسمية، أمر دبر في ليل، الاحتماء بالصحن الحيدري، الرسالة الأولى، الرسالة الثانية، الانكليز يستمرون في القصف، الدخول في المفاوضات، البلاغات الرسمية، رفع الحصار، المحاكمات النهائية، تنفيذ أحكام الإعدام، ماذا بعد أحكام الإعدام؟، المبعدون إلى الهند، إنقاذ زعيمين، من النفي، قصيدة في ثورة النجف، بين الثورة والترك، فهرست الأعلام، فهرست البقاع، مضامين الرسالة.
تفصيل تخريج الكتاب
السيد عبد الرزاق الحسني، ثورة النجف بعد مقتل حاكمها الكابتن مارشال، كما تقرؤها البيانات والمراسلات الرسمية مضافاً إلى شهود العيان فيها، الطبعة الخامسة "موسعة ومزيدة وفيها نقول وإضافات كثيرة خلت منها الطبعات الأولى والثانية والثالثة"، مع ترجمة موجزة للسيد الحسني بقلمه، مطبعة العرفان، صيدا لبنان، 1403هجرية – 1983م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق